تحليل قصيدة دار جدي لبدر شاكر السياب
اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليتحليل قصيدة دار جدي لبدر شاكر السيابقصيدة دار جديللشاعر بدر شاكر السيابتعدّ من أكثر القصائد التي تتحدث عن الحنين صدقًا وكثافة في المشاعر، وتحليلها كما يأتي:شرح قصيدة دار جدي لبدر شاكر السيابيقول بدر شاكر السياب في قصيدته دار جدي::مطفأة هي النوافذ الكثار:وباب جدّي موصد وبيته انتظار،:وأطرق الباب فمن يجيب يفتح؟:تجيبني الطفولة الشباب منذ صار:تجيبني الجرار جف ماؤها فليس تنضح::"بويب"، غير أنها تذرذر الغبار.:مطفأة هي الشموس فيه والنجوم:الحقب الثلاث منذ أن خفقت للحياة:في بيت جدي ازدحمن فيه كالغيوم:تختصر البحار في خدودهن والمياه:فنحن لا نلم بالردى من القبورلقد انطفأت جميع أضواء النوافذ في منزل جدي، فإذ طرقتُ بابه لم أجد أحدًا يفتحه، وقد ذهبت الطفولة وولَّت، وجرار المياه قد جفَّت لطول الزمن الذي مرَّ على هجر منزل جدي.
:فأوجه العجائز:أفصح في الحديث عن مناجل العصور:من القبور فيه والجنائز:وحين تقفز البيوت من بناتها:وساكنيها من أغانيها ومن شكاتها:نحس كيف يسحق الزمان إذ يدوروجوه العجائز الذين كبروا في العمر هي تملك الفصاحةوالبلاغةلتتحدث عن العصور التي انقضت بدلًا عن القبور حديث القبور التي دفن فيه من ماتوا، وعندما تخلو المنازل من أهلها نشعر بمرور الزمان.:أأشتهيك يا حجارة الجدار يا بلاط يا حديد يا طلاء:أأشتهي التقاءكن مثلما انتهى إلي فيه؟:أم الصّبا صباي والطفولة اللعوب والهناء:وهل بكيت أن تضعضع البناء:وأقفر الفناء أم بكيت ساكنيه؟
:أم أنني رأيت في خرابك الفناء:محدقًا إليّ منك من دميهل أشتهي الحجارة في الجدار، والبلاط في الأرض، وطلاء الجدران، واجتماعهن في هذا المنزل؟ وهل أبكي لتعرُّض المنزل للخراب أم أبكي مَن كان يسكن فيه؟:مكشرًا من الحجار؟ آه أيّ برعم:يربّ فيك؟ برعم الردى، غدًا أموت:ولن يظل من قواي ما يظل من خرائب البيوت:لا أنشق الضياء لا أعضعض الهواء:لا أعصر النهار أو يمصّني المساءبدأ برعم الهلاك بالنمو في الدار، وسأموت في القريب ولن أعود قويًّا، بل سأصبح كالمنازل التي تتعرَّض للخراب فتصبح ضعيفة، فلن أتمتع برؤية الضوء، ولن أشعر بالهواء، ولا بالصباح ولا بالمساء.:كأنّ مقلتي، بل كأنني انبعثت "أورفيوس":تمصّه الخرائب الهوى إلى الجحيم:فيلتقي بمقلتيه، يلتقي بها بيورديسحين قال إنّه يشبه أورفيوس، فالمقصود هو أورفيوس الموسيقي الذي يعزف أعذب الألحان في الأساطير الإغريقية، لكنّه هنا يشده الخراب نحو الهلاك، ليجتمع بحبيبته بيورديس وهي امرأة يلتقي بها فيحبها ويتزوج بها.
:"آه يا عروس:يا توأم الشباب يا زنبقة النعيم":طريقه ابتناه بالحنين والغناء::براعم الخلود فتحت له مغالق الفناء:وبالغناء يا صباي يا عظام يا رميم:كسوتك الرواء والضياء:طفولتي صباي أين أين كلّ ذاك؟:أين حياة لا يحد من طريقها الطويل سور:كشر عن بوّابة كأعين الشباك:تفضي إلى القبورثمّ يخاطب العروس فيقول يا أيتها العروس التي تمثل النعيم، يا من تمثلين مرحلة صبايَ والعظام والبلي والانتهاء، فيصرخ الشاعر أن أين ذهبت مراحل طفولتي وشبابي؟ وأين باتت حياتي التي أمست توصل إلى القبر؟:والكون بالحياة ينبض: المياه والصخور:وذرة الغبار والنمال والحديد:وكل لحن كل موسم جديد:الحرث والبذار والزهور:وكل ضاحك فمن فؤاده وكل ناطق فمن فؤاده:وكل نائح فمن فؤاده والأرض لا تدورنبض الكون يتمثَّل بالحياة، بكل ما فيها من طبيعة، وألحان موسيقية وفصول عديدة، والذي يضحك أو ينطق أو يبكي فإنّه يفعل ذلك من قلبه وأعماقه، والأرض تبقى ثابتة ولا تتغير تبعًا لحال شخص ما؛ ويرمي السياب هنا إلى أنّ الإنسان مجرّد رقم في هذه الحياة ولا تقف الحياة عليه.
:والشمس إذ تغيب تستريح كالصغير في رقاده:والمرء لا يموت إن لم يفترسه في الظلام ذيب:أو يختطفه مارد والمرء لا يشيب:(فهكذا الشيوخ منذ يولدون:الشعر الأبيض والعصي والذقون)الشمس تذهب ليلًا من أجل الراحة، والإنسان لا يموت إلا إذا تعرَّض للافتراس أو الاختطاف، ويقصد اختطاف الموت، والشاب لا يشيب شعره، ولكنّ الشيوخ لتعمّقهمبالحكمةوالهدوء قد يعتقدهم المرء هكذا منذ ميلادهم، ولعل الشاعر يرمي إلى نظرة الحفيد إلى الجد؛ فهو يراه أبيض الشعر منذ طفولته لأنّه لم يتمكن من رؤيته أيّام شبابه، وربما هذه فلسفة السياب في الحياة.:وفي ليالي الصيف حين ينعس القمر:وتذبل النجوم في أوائل السحر:أفيق أجمع الندى من الشجر:في قدح ليقتل السعال والهزال:وفي المساء كنت أستحمّ بالنجوم:عيناي تلقطانهن نجمةً فنجمةً وراكب الهلال:سفينةً كأن سندباد في ارتحال:شراعي الغيوم:ومرفئي المحالفي الليالي الصيفية، عندما يبدأ القمر والنجوم بمغادرة السماء، أستيقظ لأحصل على الندى من الأشجار وأضعه في قدح لأتغلب به على المرض ونحول الجسد، ومساءً أستحم بالنجوم، إذ أراقبهنَّ نجمةً تلو الأخرى، والقمر حينما يكون هلالًا يشبه السفينة وشراعها الغيوم، والمرفأ لها هو المستحيل.:وأبصر الله على هيئة نخلة كتاج نخلة يبيضّ:في الظلام:أحسه يقول: يا بني يا غلاموهبتك الحياةوالحنانوالنجوم:وهبتها لمقلتيك والمطر:للقدمين الغضّتين فاشرب الحياة:وعبّها يحبّك الإله:أهكذا السنون تذهب:أهكذا الحياة تنضب؟
:أحس أنني أذوب أتعب:أموت كالشجريقول الشاعر إنّه يشعر بوجود الله -سبحانه وتعالى- يخبره بأنه وهبه هذه الحياة وما فيها، فينبغي له أن يتمتع بها، فهل تنتهي السنوات، وتنقص الحياة بهذا الشكل؟ فالشاعر يشعر بدنو الأجل ولكنه يريد لنفسه أن يموت واقفًا كالشجر.الأفكار الرئيسة في قصيدة دار جدي لبدر شاكر السيابمرّت في قصيدة دار جدي للسياب بعض الأفكار الرئيسة ومنها:مرور الزمن الطويل على خلو منزل الجد من سكانه.وجوه العجائز الكبار في السن خير دليل على مضيالدهر.
تمني رؤية المنزل بالهيئة التي كان عليها.التساؤل عن سبب البكاء؛ هل هو على حال الدار أم على حال من كان يسكن فيها.الحزن على الحياة التي انقضت، ورحيل وقت الطفولةوالشباب، والسير نحو الموت.
ظهور الحياة في الكون من خلال الطبيعة والألحان العذبة.الشعور بقرب الله -تعالى- من عباده وإمداده إيّاهم بالقوة والأمل.الصور الفنية في قصيدة دار جدي لبدر شاكر السيابمن الصور الفنية في قصيدة دار جدي للشاعر العراقي بدر شاكر السياب:تجيبني الطفولةاستعارة مكنية، فقد شبَّه الطفولة بالإنسان الذي يتكلم ويُجيب، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو الكلام، فهي استعارة مكنية.
تجيبني الجراراستعارة مكنية، إذ شبَّه الجرار بالإنسان الذي يتكلم ويُجيب، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو الكلام، فهي استعارة مكنية.الحقب الثلاث في بيت جدي ازدحمن فيه كالغيومتشبيه تمثيليوأركان التشبيه هي: المشبَّه: الحقب الثلاث، والمشبَّه به: الغيوم، وأداة الشبه: الكاف، وجه الشبه: شبَّه نشأة الحقب التي مرَّت على منزل جدّه بازدحام الغيوم التي تختصر فيها المياه والبحار.تقفز البيوتاستعارة مكنية، إذ شبَّه البيوت بالكائن الحي الذي يقفز، وحذف المشبَّه به الكائن الحي، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو القفز، فهي استعارة مكنية.
والكون بالحياة ينبضاستعارة مكنية، إذ شبَّه الكون بالكائن الحي الذي له قلب ينبض، وحذف المشبَّه به الكائن الحي، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو النبض، فهي استعارة مكنية.والشمس إذ تغيب تستريح كالصغير في رقادهتشبيه تمثيلي، وأركان التشبيه هي: المشبَّه: الشمس، والمشبَّه به: الصغير،وأداة الشبه: الكاف، ووجه الشبه: شبَّه الشمس عند غيابها بالطفل الذي يستريح حين يرقد لينام.ينعس القمراستعارة مكنية، فقد شبَّه القمر بالإنسان الذي ينعس، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو النعاس، فهي استعارة مكنية.
تذبل النجوماستعارة مكنية، فقد شبَّه النجوم بالنبات الذي يذبل، وحذف المشبَّه به النبات، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو الذبول، فهي استعارة مكنية.أموت كالشجرتشبيه مجمل، وأركان التشبيه هي: المشبَّه: الشاعر، والمشبَّه به: الشجر، وأداة الشبه: الكاف، ووجه الشبه محذوف.المفردات في قصيدة دار جدي لبدر شاكر السيابفيما يأتي شرح لبعض المفردات في قصيدة دار جدي:المفردةالمعنىتذرذرذرذرة الشيء هي نثره وتفريقه.
الردىالردى هو الموت والهلاك.تضعضعأي تعرَّض للتخريب وتهدَّم.أقفرأقفر بمعنى خلى من الناس.
رميمالرميم هو الشيء البالي من كل شيء.الهزالالهزال هو النحافة والنحول في الجسد.الغضتينالغض هو الشيء الطري والناعم والرقيق.
عبَّهاعبُّ الماء هو شربه بلا تنفُّس.تنضبتنضب بمعنى تشح وتقل وتنقص.