شرح قصيدة كن بلسمًا لإيليا أبو ماضي
حكم إيليا أبو ماضيشرح قصيدة المساء لإيليا أبو ماضيشرح أبيات قصيدة كن بلسمًا لإيليا أبو ماضيوُلد إيليا أبو ماضي في إحدى القرى اللبنانية عام 1889م، وهو من الشعراء المهجريين الذين أحبّوا وطنهم ونثروا فيه القصائد الحية، كما إنه ينتمي إلى الشعراء الذين يدعون إلى التفاؤل والنظر إلى الحياة بعين الرضا،ومن القصائد التي نسجها في ذلك المقام قصيدة كن بلسمًا، وفيما يأتي شرح لأبيات القصيدة:كُن بَلسَمًا إِن صارَ دَهرُكَ أَرقَما:::وَحَلاوَةً إِن صارَ غَيرُكَ عَلقَماإِنَّ الحَياةَ حَبَتكَ كُلَّ كُنوزِها:::لا تَبخَلَنَّ عَلى الحَياةِ بِبَعضِ مايستهل الشاعر أبياته في القصيدة بطلب إلى الإنسان أن يكون بلسمًا هينًا لينًا حتى ولو لاقاه الدهر بأصعب السموم، وأن يكون هو حلو اللسان حتى ولو كان غيره ينقط علقمًا ومرارة.أَحسِن وَإِن لَم تُجزَ حَتّى بِالثَنا:::أَيَّ الجَزاءِ الغَيثُ يَبغي إِن هَمىمَن ذا يُكافِئُ زَهرَةً فَوّاحَةً:::أَو مَن يُثيبُ البُلبُلَ المُتَرَنِّماعُدَّ الكِرامَ المُحسِنينَ وَقِسهُمُ:::بِهِما تَجِد هَذَينِ مِنهُم أَكرَماهنا يُعلم الشاعر الإنسان أن يبقى محسنًا دائمًا في جميع أحوال حياته، حتى ولو لم يتلقَ شكرًا على إحسانه، فهل أحد يُجازي البلبل على زقزقته أو الوردة على رائحتها الجميلة، ولو قارن الإنسان ما بين كل المحسنين في الأرض وبين العصفور والوردة لوجد أنّ الأخيرين أكرم من المحسنين.يا صاحِ خُذ عِلمَ المَحَبَّةِ عَنهُما:::إِنّي وَجَدتُ الحُبَّ عَلَمًا قَيِّمالَو لَم تَفُح هَذي وَهَذا ما شَدا:::عاشَت مُذَمَّمَةً وَعاشَ مُذَمَّماعليكَ يا إنسان أن تتعلّم المحبة من البلبل والزهرة، وأن تعيش وتنشر تلك المحبة في الأرض، فلو الزهرة كانت من غير ريح ولم يعد يشدو البلبل كحاله لذمهما النّاس ولم ينجيان من كلامهم.
فَاِعمَل لِإِسعادِ السِوى وَهَنائِهِم:::إِن شِئتَ تُسعَدَ في الحَياةِ وَتَنعُماأَيقِظ شُعورَكَ بِالمَحَبَّةِ إِن غَفا:::لَولا الشُعورُ الناسُ كانوا كَالدُمىيُؤكّد الشاعر على أهمية محاولة الإنسان إسعاد غيره، فلمّا يُسعد النّاس هو سيأتي من يُحاول إسعاده، ثم يُعرج الشاعر مرة أخرى على أهمية المحبة في حياة الإنسان وأنّها أهم ما يُميزه عن الخشب المسندة.أَحبِب فَيَغدو الكوخُ كَونًا نَيِّرًا:::وأبغض فَيُمسي الكَونُ سِجنًا مُظلِماما الكَأسُ لَولا الخَمرُ غَيرُ زُجاجَةٍ:::وَالمَرءُ لَولا الحُبُّ إِلّا أَعظُمايذكر الشاعر في هذا المقام أنّ ما يميز كل شيء هو ما في داخله، فالكأس تُغرب بسبب ما تحويه من الشراب، والإنسان يُقدر على حسب الحب الذي في داخله، ولولا ذاك الحب لكان مجرد كومة من العظام.كَرِهَ الدُجى فَاِسوَدَّ إِلّا شُبهُهُ:::بَقِيَت لِتَضحَكَ مِنهُ كَيفَ تَجَهَّمالَو تَعشَقُ البَيداءُ أَصبَحَ رَملُهازَهرًا وَصارَ سَرابُها الخَدّاعُ مايذكر الشاعر أنّ المحبّة تقدر على تحويل كلّ شيء قاسٍ إلى ليّن هيّن، فلو أحبّ الناس الصحراء، فإنّ رملها سينبت بالزهر والريحان، وسيكون السراب الخادع ماءً طيبًا.
لَو لَم يَكُن في الأَرضِ إِلّا مِبغِضٌ:::لَتَبَرَّمَت بِوُجودِهِ وَتَبَرَّمالاحَ الجَمالُ لِذي نُهىً فَأَحَبَّهُ:::وَرَآهُ ذو جَهلٍ فَظَنَّ وَرَجَّماإنّ الأرض لتكره الإنسان المُبغض الذي يقيم عليها، ولو تجسّد الجمال في إنسان، فرآه ذا عقل فإنّه سيحبه ويميل إليه، ورآه جاهل فإنّه سيرجمه كما تُرجم الشياطين.لا تَطلِبَنَّ مَحَبَّةً مِن جاهِلٍ:::المَرءُ لَيسَ يُحَبُّ حَتّى يُفهَماوَاِرفُق بِأَبناءِ الغَباءِ كَأَنَّهُم:::مَرضى فَإِنَّ الجَهلَ شَيءٌ كَالعَمىيؤكد الشاعر أنّ المحبة تحتاج إلى عقل متفتح وذكاء ثاقب، ولا يقدر عليها إلّا من اتّصف بتلك الصفات، أمّا الأغبياء فعلى الإنسان أن يرحمهم ويحزن عليهم، فالغباء مرض لا شفاء منه.وَاِلهُ بِوَردِ الرَوضِ عَن أَشواكِهِ:::وَاِنسَ العَقارِبَ إِن رَأَيتَ الأَنجُمايا مَن أَتانا بِالسَلامِ مُبَشِّرًا:::هَشَّ الحِمى لَمّا دَخَلتَ إِلى الحِمىلو كنت في الرياض فانظر إلى الورود والرياحين وانس الأشواك، ولا تخف من العقارب والسموم إن أبصرت النجوم النيرة، ثم يُعرج الشاعر على ذكر الرجل الذي تُقال القصيدة في حضرته، وهوالمندوب البطريركي المطران ثيودوسيوس أبو رجيلي، ويذكر أنّ دعوته هي السلام ونبذ الطائفية.
وَصَفوكَ بِالتَقوى وَقالوا جَهبَذٌ:::عَلامَةٌ وَلَقَد وَجَدتُكَ مِثلَمالَفظٌ أَرَقُّ مِنَ النَسيمِ إِذا سَرى:::سَحَرًا وَحُلوٌ كَالكَرى إِن هَوَّماوَإِذا نَطَقتَ فَفي الجَوارِحِ نَشوَةٌ:::هِيَ نَشوَةُ الروحِ اِرتَوَت بَعدَ الظَماوَإِذا كَتَبتَ فَفي الطُروسِ حَدائِقٌ:::وَشّى حَواشيها اليَراعُ وَنَمنَماوَإِذا وَقَفتَ عَلى المَنابِرِ أَوشَكَت:::أَخشابُها لِلزَهوِ أَن تَتَكَلَّماهذه الأبيات كلها تتحدث عن مديح البطريركالمطران ثيودوسيوس أبو رجيلي، فيذكر أنّ كلامه الجميل الذي يدعو إلى المحبة يجعل الأوراق تزهر من تحته، والمنبر يهتز من نشوته بسبب حديثه الجميل.إِن كُنتَ قَد أَخطاكَ سِربالُ الغِنى:::عاشَ اِبنُ مَريَمَ لَيسَ يَملُكُ دِرهَماوَأَحَبَّ حَتّى مَن أَحَبَّ هَلاكَهُ:::وَأَعانَ حَتّى مَن أَساءَ وَأَجرَمايذكر الشاعر في هذا المقام أنّ المال ليس كل شيء بالنسبة للإنسان، ويضرب مثلًا بالنبي عيسى بن مريم -عليه السلام-، وكيف أنّه نشر الحب في حياته، ولم يتخذ موقف العداء من أحد.الأفكار الرئيسة في قصيدة كن بلسمًا لإيليا أبو ماضيوردت في قصيدة كن بلمسًا مجموعة من الأفكار من أهمها:الدعوة إلى الحب والتفاؤل في الحياة.
الابتعاد عن الكره والبغض والحقد.النظر إلى نصف الكأس المملوء هو ما يفعله الأذكياء فقط.الحب هو ما يُميّز الإنسان عن الدمية الخشبية.
معاني المفردات في قصيدة كن بلسمًا لإيليا أبو ماضيوردت في القصيدة مجموعة من الكلمات والمفردات التي لا بدّ من شرحها، حتى يتمكن القارئ من فهم النص كله، ومن بينها:المفردةالمعنىأرقمهو ذكر الحية، وهو واحد من أخبث الحيات وأكثرها سميّة.الدجىهو الظلمة والسواد.البيداءهي الصحراء والأرض الفلاة التي لا شيء فيها.
الروضهو المكان الأخضر الذي يكثر الماء فيه.الصور الفنية في قصيدة كن بلسمًا لإيليا أبو ماضيبرزت مجموعة من الصور الفنية في قصيدة كن بلسمًا من بينها:لولا شعور الناس كانوا كالدمى:شبّه الشاعر الإنسان الخالي من المحبة بالدمية التي لا قلب لها لينبض.فيمسي الكون سجنًا مظلمًا:صوّر الشاعر أنّ الكون الذي يعيش فيه الإنسان المبغض بالسجن المظلم القاسي.
لاح الجمال لذي نهى فأحبه:شبه الشاعر الجمال بالشخص الذي يلوح للآخر فيراه.وارفُق بأبناء الغباء:شبه الغباء بالوالد والأغبياء هم أبناء ذاك المرض.إنّ الحياة ليست سوى نصًا؛ فلا بدّ للإنسان أن يقرأه بحبّ وحكمة وتمعّن، فيترك أثرًا جميلًا من خلفه، ليتذكر النّاس الأريج الفواح الذي خلّفه وراءه، فيكون هو بحر الجمال الذي لا ينتهي.