شعر نزار قباني في الغزل
قصائد غزل نزار قبانيشعر غزل نزار قبانينزار قبانينزار قباني هو شّاعر عربي لُقّب بشاعر المرأة، ولد في العاصمة السّورية دمشق عام 1923، وهو من عائلة قبّاني التي تُعدّ إحدى العائلات الدمشقيّة العريقة، درس الحقوق في الجامعة السّورية وتخرّج منها عام 1945، بدأ كتابة الشّعر التقليديّ ثم انتقل إلى الشّعر العمودي، طوّر الشّعر العربي الحديث إلى حدّ كبير، وهو مؤسس مدرسة شعريّة وفكريّة، اشتهر بقصائده الرّومانسية التي ظهرت في دواوينه الأربعة الأولى (قصائد رومانسية).شعر نزار قباني في الغزلتعدّدت أشعار نزار في الحبّ واشتهر بها، وهنا نذكر بعضاً منها:حبيبتي هي القانونأيتها الأنثى التي في صوتهاتمتزج الفضّة.. بالنّبيذ.
. بالأمطارومن مرايا ركبتيها يطلع النّهارويستعدّ العمر للإبحارأيتها الأنثى التييختلط البحر بعينيها مع الزّيتونيا وردتيونجمتيوتاج رأسيربما أكونمشاغباً.. أو فوضويّ الفكرأو مجنونإن كنت مجنوناً.. وهذا ممكنفأنت يا سيدتيمسؤولة عن ذلك الجنونأو كنت ملعوناً وهذا ممكنفكل من يمارس الحبّ بلا إجازةفي العالم الثّالثيا سيدتي ملعونفسامحيني مرة واحدةإذا أنا خرجت عن حرفية القانونفما الذي أصنع يا ريحانتي؟
إن كان كل امرأة أحببتهاصارت هي القانونأشهد ألّا امرأةأشهد ألّا امرأةًأتقنت اللّعبة إلّا أنتواحتملت حماقتيعشرة أعوام كما احتملتِواصطبرت على جنوني مثلما صبرتوقلّمت أظافريورتّبت دفاتريوأدخلتني روضة الأطفالإلّا أنت..أشهد ألّا امرأةًتشبهني كصورة زيتيّةفي الفكر والسّلوك إلّا أنتوالعقل والجنون إلّا أنتوالملل السّريعوالتّعلق السّريعإلّا أنت.
.أشهد ألّا امرأةًقد أخذت من اهتمامينصف ما أخذتواستعمرتني مثلما فعلتوحرّرتني مثلما فعلتأشهد ألّا امرأةًتعاملت معي كطفل عمره شهرانإلّا أنت..
وقدّمت لي لبن العصفوروالأزهار والألعابإلّا أنت..أشهد ألّا امرأةًكانت معي كريمة كالبحرراقية كالشّعرودلّلتني مثلما فعلتوأفسدتني مثلما فعلتأشهد ألّا امرأةقد جعلت طفولتيتمتدّ للخمسين.
. إلّا أنتأشهد ألّا امرأةًتقدرأن تقول إنّها النّساء.. إلّا أنتوإنّ في سرّتهامركز هذا الكونأشهد ألّا امرأةًتتبعها الأشجار عندما تسيرإلّا أنت..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجيّإلّا أنت..وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصّيفيإلّا أنتأشهد ألّا امرأةًاختصرت بكلمتين قصّة الأنوثةوحرّضت رجولتي عليإلّا أنت.
.أشهد ألّا امرأةًتوقف الزّمان عند نهدها الأيمنإلّا أنت..
وقامت الثّورات من سفوح نهدها الأيسرإلّا أنت..أشهد ألّا امرأةًقد غيّرت شرائع العالم إلّا أنتوغيّرتخريطة الحلال والحرامإلّا أنت.
.أشهد ألّا امرأةًتجتاحني في لحظات العشق كالزّلزالتحرقني.. تغرقنيتشعلني.
. تطفئنيتكسرني نصفين كالهلالأشهد ألّا امرأةًتحتلّ نفسي أطول احتلالوأسعد احتلالتزرعنيورداً دمشقيّاًونعناعاًوبرتقاليا امرأةأترك تحت شعرها أسئلتيولم تجب يوماً على سؤاليا امرأة هي اللّغات كلّهالكنّهاتُلمس بالذّهن ولا تُقالأيّتها البحريّة العينينوالشّمعية اليدينوالرّائعة الحضورأيّتها البيضاء كالفضّةوالملساء كالبلّورأشهد ألّا امرأةًعلى محيط خصرها..تجتمع العصوروألف ألف كوكب يدورأشهد ألّا امرأةً.
. غيرك يا حبيبتيعلى ذراعيها تربّى أول الذّكوروآخر الذّكورأيّتها اللّماحة، الشّفافةالعادلة، الجميلةأيتها الشّهية، البهيّةالدّائمة الطّفولهةأشهد ألّا امرأةًتحرّرت من حكم أهل الكهف إلّا أنتوكسرت أصنامهموبدّدتِ أوهامهموأسقطت سلطة أهل الكهف إلّا أنتأشهد ألّا امرأةاستقبلت بصدرها خناجر القبيلةواعتبرت حبّي لهاخلاصة الفضيلةأشهد ألّا امرأةًجاءت تماماً مثلما انتظرتوجاء طول شعرها أطول ممّا شئت أو حلمتوجاء شكل نهدهامطابقاً لكل ما خطّطت أو رسمتأشهد ألّا امرأةًتخرج من سحب الدّخان.. إن دخّنتتطير كالحمامة البيضاء في فكري.. إذا فكّرتيا امرأة.
.كتبت عنها كتباً بحالهالكنّها برغم شعري كلّهقد بقيت.. أجمل من جميع ما كتبتأشهد ألّا امرأةًمارست الحبّ معي بمنتهى الحضارةوأخرجتني من غبار العالم الثالثإلّا أنتأشهد ألّا امرأةًقبلك حلت عقديوثقّفت لي جسديوحاورته مثلما تحاور القيثارةأشهد ألّا امرأةًإلّا أنت.
.إلّا أنت..
إلّا أنت..في المقهىجواري اتّخذت مقعدهاكوعاء الورد في اطمئنانهاوكتاب ضارع في يدهايحصد الفضلة من إيمانهايثبُ الفنجان من لهفتهفي يدي، شوقاً إلى فنجانهاآه من قبعة الشّمس التييلهث الصّيف على خيطانهاجولة الضّوء على ركبتهازلزلت روحي من أركانهاهي من فنجانها شاربةوأنا أشرب من أجفانهاقصة العينين.
. تستعبدنيمن رأى الأنجم في طوفانهاكلّما حدّقت فيها ضحكتوتعرّى الثّلج في أسنانهاشاركيني قهوة الصّبح.. ولاتدفني نفسك في أشجانهاإنّني جارك يا سيّدتيوالرّبى تسأل عن جيرانهامن أنا.. خلّي السّؤالات أنالوحة تبحث عن ألوانهاموعداً.
. سيدتي! وابتسمتوأشارت لي إلى عنوانها..وتطلعت فلم ألمح سوىطبعة الحمرة في فنجانهامع جريدةأخرجَ من معطفهِ الجريدة.
.وعلبةَ الثّقابِودون أن يلاحظَ اضطرابي..
ودونما اهتمامِتناولَ السكَّرَ من أمامي..ذوَّب في الفنجانِ قطعتينذوَّبني.
. ذوَّب قطعتينوبعدَ لحظتينودونَ أن يرانيويعرفَ الشّوقَ الذي اعتراني..تناولَ المعطفَ من أماميوغابَ في الزّحامِمخلَّفاً وراءه.
. الجريدةوحيدةًمثلي أنا.. وحيدةنهر الأحزانعيناكِ كنهرَي أحـزانِنهرَي موسيقا.. حملانيلوراءِ، وراءِ الأزمـانِنهرَي موسيقا قد ضاعاسيّدتي.
. ثمَّ أضاعـانيالدّمعُ الأسودُ فوقهمايتساقطُ أنغامَ بيـانِعيناكِ وتبغي وكحوليوالقدحُ العاشرُ أعمانيوأنا في المقعدِ محتـرقٌنيراني تأكـلُ نيـرانيأأقول أحبّكِ يا قمري؟آهٍ لـو كانَ بإمكـانيفأنا لا أملكُ في الدّنيـاإلا عينيـكِ وأحـزانيسُفُني في المرفأ باكيـةٌتتمزّقُ فوقَ الخلجـانِومصيري الأصفرُ حطّمنيحطّـمَ في صدري إيمانيأأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟يا ظـلَّ الله بأجفـانييا صيفي الأخضرَ يا شمسييا أجمـلَ.
. أجمـلَ ألوانيهل أرحلُ عنكِ وقصّتناأحلى من عودةِ نيسانِ؟أحلى من زهرةِ غاردينيافي عُتمةِ شعـرٍ إسبـانييا حبّي الأوحدَ.. لا تبكيفدموعُكِ تحفرُ وجـدانيإنّي لا أملكُ في الدّنيـاإلا عينيـكِ.
. وأحزانيأأقـولُ أحبّكِ يا قمـري؟آهٍ لـو كـان بإمكـانيفأنـا إنسـانٌ مفقـودٌلا أعرفُ في الأرضِ مكانيضيّعـني دربي.. ضيّعَـنياسمي.
. ضيَّعَـني عنـوانيتاريخـي! ما ليَ تاريـخٌإنـّي نسيـانُ النّسيـانِإنّـي مرسـاةٌ لا ترسـوجـرحٌ بملامـحِ إنسـانِماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـنيقلقـي؟ إلحادي؟ غثيـانيماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍيرقـصُ في كفِّ الشّيطانِأنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعديعنّي.. عن نـاري ودُخانيفأنا لا أمـلكُ في الدّنيـاإلا عينيـكِ.
.. وأحـزانيأحبّك جدّاًأحبّك جدّاًوأعرف أنّ الطّريق إلى المستحيل طويـلوأعرف أنّك ستّ النّساءوليس لدي بديـلوأعرف أن زمان الحنيـن انتهىومات الكلام الجميللِسِتِّ النّساء ماذا نقولأحبّك جدّاً..
.أحبّك جداً وأعرف أنّي أعيش بمنفىوأنتِ بمنفىوبيني وبينكريحٌوغيمٌوبرقٌورعدٌوثلجٌ ونـاروأعرف أنّ الوصول لعينيك وهمٌوأعرف أنّ الوصول إليكانتحـارويسعدنيأنّ أمزّقَ نفسي لأجلك أيّتها الغاليةولو خيّرونيلكرّرت حبّك للمرّة الثّانيةيا من غزلتِ قميصك من ورقات الشّجرأيا من حميتك بالصّبر من قطرات المطرأحبّك جدّاًوأعرف أنّي أسافر في بحر عينيكدون يقينوأترك عقلي ورائي وأركضأركضأركض خلف جنونـيأيا امرأةً تُمسك القلب بين يديهاسألتك بالله لا تتركينيلا تتركينيفماذا أكون أنا إذا لم تكونيأحبّك جدّاًوجدّاً وجدّاًوأرفض من نــار حبّك أن أستقيلاوهل يستطيع المُتيّم بالعشق أن يستقلّا..
.وما همّنيإن خرجتُ من الحبّ حيّاًوما همنّيإن خرجت قتيلاً.لا تحبينيهذا الهوى ما عاد يغرينيَ!
فلتستريحيِ ولترُيحينيِإن كان حبّكِ في تقلّبهما قد رأيتُ فلا تُحبينيِحبّي هو الدّنيا بأجمعهاأمّا هواك فليس يعنينيأحزانيَ الصّغرى تعانقنيَوتزورنيَ إن لم تزورينيما همّني ما تشعرين بهإنّ افتكاري فيكِ يكفينيفالحبُّ وهمٌ في خواطرناكالعطر في بال البساتينعيناكِ من حزني خلقتُهماما أنتِ؟ ما عيناكِ؟ من دونيفمُكِ الصّغير أدرتهُ بيديوزرعتهُ أزهار ليمونحتّى جمالُك، ليس يذهلنيإن غاب من حينٍ إلى حينفالشّوقُ يفتحُ ألف نافذةٍخضراء عن عينيكِ تغنينيَلا فرق عنديَ يا مُعذّبتيِأحببتنيِ أم لم تُحبينيِأنتِ استريحيِ من هواي أنالكن سألتكِ لا ترُيحنياختاريإني خيّرتُكِ فاختاريما بينَ الموتِ على صدري..أو فوقَ دفاترِ أشعاري.
.اختاري الحبَّ.. أو اللاحبَّفجُبنٌ ألّا تختاري.
.لا توجدُ منطقةٌ وسطىما بينَ الجنّةِ والنّارِ..
ارمي أوراقكِ كاملةً..وسأرضى عن أيِّ قرارِ.
.قولي. اإنفعلي. انفجريلا تقفي مثلَ المسمارِ..
لا يمكنُ أن أبقى أبداًكالقشّةِ تحتَ الأمطارِاختاري قدراً بين اثنينِوما أعنفَها أقداري..مُرهقةٌ أنتِ.
. وخائفةٌوطويلٌ جدّاً.. مشواريغوصي في البحرِ.. أو ابتعديلا بحرٌ من غيرِ دوارِ.
.الحبُّ مواجهةٌ كبرىإبحارٌ ضدَّ التّيارِصَلبٌ.. وعذابٌ.
. ودموعٌورحيلٌ بينَ الأقمارِ..يقتُلني جبنُكِ يا امرأةًتتسلّى من خلفِ ستارِ.
.إنّي لا أؤمنُ في حبٍّ..
لا يحملُ نزقَ الثّوارِ..لا يكسرُ كلَّ الأسوارِلا يضربُ مثلَ الإعصارِ.
.آهٍ.. لو حبُّكِ يبلعُنييقلعُني.
. مثلَ الإعصارِ..إنّي خيرتك.
. فاختاريما بينَ الموتِ على صدريأو فوقَ دفاترِ أشعاريلا توجدُ منطقةٌ وسطىما بينَ الجنّةِ والنّارِ..