محمود درويش تنسى كأنك لم تكن
تحليل قصيدة تنسى كأنك لم تكنمعالم وجوهناكلمات قصيدة:تنسى كأنك لم تكنفيما يأتي كلمات قصيدة (تنسى كأنك لم تكن):تُنْسَى كأنك لم تكنتُنْسَى كمصرع طائرٍككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَىكحبّ عابرٍوكوردةٍ في الليل…
. تُنْسَىأَنا للطريق… هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَمَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ. هُنَاكَ مَنْنَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليدخل في الحكايِةأَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُأَثراً غنائياً.
.. وحدساتُنْسَى، كأنك لم تكنشخصاً، ولا نصّاً..
. وتُنْسَىأَمشي على هَدْيِ البصيرة رُبّماأُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً. فالمفرداتُتسُوسُني وأسُوسُها. أنا شكلهاوهي التجلِّي الحُرُّ. لكنْ قيل ما سأقول.يسبقني غدٌ ماضٍ. أَنا مَلِكُ الصدى.لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش. والطريقهو الطريقةُ. رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَشيء ما أُحرِّكُ فيه ذاكرةً وحسّاتُنسَى كأنِّكَ لم تكنخبراً ولا أَثراً.
.. وتُنْسىأَنا للطريق..
. هناك مَنْ تمشي خُطَاهُعلى خُطَايَ، وَمَنْ سيتبعني إلى رؤيايَ.مَنْ سيقول شعراً في مديح حدائقِ المنفىأمامَ البيت حراً من عبادَةِ أمسِحراً من كناياتي ومن لغتي، فأشهدأَنني حيُّوحُرُّحين أُنْسَى!المضمون العام للقصيدةتشتمل الفكرة العامة لقصيدة "تُنسى كأنك لم تكن" على فكرة النسيان،نسيان الأشخاص ونسيان الذكريات، خاصةً جحود ونسيان الأحياء لمن رحلوا عنهم، إذ استهل الشاعر قصيدته بعبارات تصف نسيان الإنسان وكأنّه طائر صريع، أو كنيسة مهجورة، أو حب عابر أو زهرة في الليل.
ويرى الشاعر درويش أن النسيان يكون كبيرًا وكأنّ الإنسان لم يكن له وجودٌ من الأساس، حتى ولو كان ذا أثرٍ طيبٍ وذائع الصيت بين الناس، فعلى الإنسان أنْ يترك أثرًا في الناس ويكون له صدًى في قلوبهم، ويستمر بالتأكيد على فكرة النسيان والمشاعر السلبية المقترنة به، رغم أنّ هدف الإنسان الأول يتجلى في ترك بصمة وراءه سواءٌ أكان النسيان على المستوى الشخصي أو على المستوى الأدبي في النصوص الشعرية.في حين آخر، وفكرة أخرى يتطرق لها الشاعر، يتحدث بتمكن في قصيدته عن شعره وعن وشخصه، إذ يرى أنّ الكلمات هي الشكل والصورة ولا يُجيد شيئًا سوى الشعر بأسلوب الحكاية، كما تحكي القصيدة فكرة النفور والرفض بالرغم من محاولته للتعلق بأية فرصة للإصلاح، ولكنه يختم قصيدته بأنّه حين يُنسى يكون حرًا وحيًا، ويُعد ذلك تمردًا صريحًا على الواقع وخروجًا من دائرة الضغط الذي يتعرض له الشاعر.يأمل في نهاية أبياته بجيل قادم سيتأثر بشعره، وسيمشي على خُطاه ولكنه يأمل أيضًا بأنْ يتحرر الجيل القادم من لغته وكناياته وأنْ يقود الطريق بنفسه.
معاني مفردات القصيدةتعد قصيدةالشاعر محمود درويشسهلة الفهم والقراءة، ولكنها تحتوي على بعض المفردات التي يصعب فهمها، ومنها ما يأتي:المفردةمعنى المفردةمصرعموت وحتف.رؤاه/ رؤايمفردها رؤية وهو الاعتقاد.سجيتهالجمع سجايا وهي الطبيعة والخلق.
حدسًاالظن والتخمين والتوهُّم.البصيرةقوة الإدراك والفطنة.تسوسني/ أسوسهاتولي الأمور وتدبرها.
التجليالظهور والانكشاف.المنفىمكان إقامة المطرود من بلاده.كناياتيكلام يُستدل به على المعنى الأصلي دون تصريح.
الخصائص الأسلوبية في القصيدةيتميز أسلوب الشاعر محمود درويش بالعديد من الخصائص الأسلوبية باتباعه أسلوب السرد والنثر الشعري ورسم المشاهد في القصيدة، وفيما يأتي توضيح ذلك:انتهج الشاعر طريقة السرد الذي بات من السهل الانقياد نحوه؛ بسبب التحول الشعري الذي أتاح الفرصة للتمازج ما بين النثر والشعر والحكاية.ساهم أسلوب السرد في قصيدة الشاعر محمود درويش بإبراز المعنى بطريقة أفضل دون التأثير على غنائية الشعر، إذ لم يتركها تختفي في حدس النثر ولا في الحكاية المملة، إذ فصل بين الكلمات بنقاط الحذف(..
.).لم يؤثر استخدام السرد في القصيدة بشعريتها، وإنّما ساهم في تحويلها لقصة أو رواية شعرية محكية.
وظف الشاعر أكبر قدر من الحواس التي استخدمها في رسم المشاهد، إذ خاطب الشاعر القارئ وجعل منه ضحيةً في المشهد ذاته، كما يظهر تعاطف الشاعر مع هذه الضحية.تحول الشاعر أخيرًا إلى تقمُص دور الضحية، كما تكلم بلسانها باستخدام الضمير أنا، وكان القارئ بعد ذلك الضحية الثالثة.يُعد إحساس الشاعر بالزمن عميقًا؛ فهو يتأمل تحولاته كثيرًا، كما يظهر خوف الشاعر إلى حد بعيد من شبح الزمن الذي يتنامى، مما يجعل قصائده تتحول لمرثيات ويحول الرؤى إلى مآتم.
يتعمق الشاعر في موضوع النسيان، ولكنه يوجه حديثه إلى قارئ من نوع آخر وهو القارئ الذكي، فهو يبين العلاقة بين الأجيال التي سبقته، وأثرت في أشعاره، فتحدث عن الإبداع في تشكيل النص الشعري، ويظهر ذلك حين قال: "هناك من سبقت خطاه خُطاي، من أملى رؤاه على رؤاي".الصور الفنية في القصيدةتحتوي قصيدة الشاعر محمود درويش على العديد من الصور الفنية الرائعة فهي لا تستعرض النسيان بمعناه السطحي وإنّما يوجد العديد من المعاني العميقة في القصيدة والتي تحمل صورًا شعريةً مميزةً وهي كما يأتي:يبدأ الشاعر قصيدته بالحديث عن النسيان كونه أمرًا عاديًا يمتلئ بالخيبة والخذلان، إذ يُبيّن أنّ الإنسان المنسي هو كالطائر الصريع وكالكنيسة المهجورة إذ بدت الصورة في بناء درامي مليء بالأسى.يصور الشاعر نفسه بالملك الذي يتربع على العرش إذ يستلهم شعره من تجارب الشعراء السابقين فصوتُه صداهُم.
يصور الشاعر المفردات بالحاكم الذي يسوس الأفراد ويقودهم فالمفردات تقوده للمعاني التي تُريدها.