0

شعر نزار قباني عن الحب

أجمل أشعار نزار قباني في الحبقصائد حب نزار قبانيأعنف حب عشتهتلومني الدنيا إذا أحببتهُكأني .. أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُكأنني على خدودِ الوردِ قد رسمتهُكأنني أنا التي ..

للطيرِ في السماءِ قد علّمتهُوفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُوفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُكأنني .. أنا التيكالقمرِ الجميلِ في السماءِقد علّقتُهتلومُني الدنيا إذاسمّيتُ منْ أحبُّ .. أو ذكرتُهُكأنني أنا الهوىوأمُّهُ .

. وأختُهُمن حيثُ ما انتظرتهُمختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُمختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُوكلِّ ما سمعتهُلو كنتُ أدريأنهُ نوعٌ منَ الإدمانِ .. ما أدمنتهُلو كنتُ أدري أنهُبابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُلو كنتُ أدري أنهُعودٌ من الكبريتِ.

. ما أشعلتهُهذا الهوى .. أعنفُ حبٍّ عشتهُفليتني حينَ أتاني فاتحاًيديهِ لي .. رددْتُهُوليتني من قبلِ أن يقتلَني .

. قتلتُهُهذا الهوى الذي أراهُ في الليلِأراهُ .. في ثوبيوفي عطري .. وفي أساوريأراهُ .

. مرسوماً على وجهِ يديأراهُ منقوشاً على مشاعريلو أخبروني أنهُطفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ ما أدخلتهُوأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي لما تركتهُلو أخبروني أنهُسيضرمُ النيرانَ في دقائقويقلبُ الأشياءَ في دقائقويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقلكنتُ قد طردتهُيا أيّها الغالي الذيأرضيتُ عني الله .. إذْ أحببتهُأروعُ حبٍّ عشتهُفليتني حينَ أتاني زائراًبالوردِ قد طوّقتهُوليتني حينَ أتاني باكياًفتحتُ أبوابي لهُ .. وبستهُسأقول لكِ أُحِبُّكِسَأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ".

.حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمةفلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ.

.عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي..

في تغيير حجارة هذا العالمْ..وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ.

.شجرةً بعد شجرة..

وكوكباً بعد كوكبْ..وقصيدةً بعد قصيدة.

.سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري..ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا.

.وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة..

هي يدي أنا..سأقولها، عندما أصبح قادراً،على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري،ومراكبي الورقية.

.واستعادةِ الزَمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ..

حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصيفْ.

.سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..

والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..والحضارةَ حتى تتحضَّرْ.

.والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..

والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..وأنا أمارسَ النبوةبحاجةٍ إليكِ.

.سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدة..ويصبح النومُ على وَرَقة الكتابةليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ.

.خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..

ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجاه..كَلِمَةً كلمة.

.ومقطعاً مقطعاً..

.إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..

لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ…

والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلة..إن شَرْطَ الشهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْفالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها.

.وأموتُ عندما أنساها..

سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني.

.وأعودُ شخصاً واحداً..

سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصحراءُ في داخلي.وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطئ دمي..

الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثالث فوق جَسَدي..التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً.

..فشوَّهتُ ذُكُورتي.

.وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ..

بِتُهْمةِ الأنوثة…

لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..

ورُبَّما لن أَقولَها غداً..فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْوالليل يتعذَّبُ كثيراً.

. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السنواتِ.

. لتُطْلِعَ نبيَّاً..فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ.

.لِتُصبِحي حبيبتي؟؟

.بِتُهْمةِ الأنوثة..

.ألا تجلسينَ قليلاًألا تجلسينَ قليلاًألا تجلسين؟فإن القضية أكبرَ منكِ.

. وأكبرَ مني..كما تعلمين.

.وما كان بيني وبينكِ..

لم يكُ نقشاً على وجه ماءولكنه كان شيئاً كبيراً كبيراً..كهذي السماءفكيف بلحظةِ ضعفٍنريد اغتيالَ السماء؟

..ألا تجلسين لخمس دقائقَ أخرى؟

ففي القلب شيءٌ كثير..وحزنٌ كثيرٌ.

.وليس من السهل قتلُ العواطف في لحظاتوإلقاءُ حبكِ في سلةِ المهملات..

فإن تراثاً من الحبِ.. والشعرِ.. والحزن.

.والخبز.. والملحِ.

. والتبغ.. والذكرياتيحاصرنا من جميع الجهاتفليتكِ تفتكرينَ قليلاً بما تفعلينفإن القضيةَ..

أكبرُ منكِ.. وأكبرُ مني..

كما تعلمين..ولكنني أشعر الآن أن التشنج ليس علاجاًلما نحن فيهِ.

.وأن الحمامةَ ليست طريقَ اليقينوأن الشؤون الصغيرة بيني وبينكِ..

ليست تموتُ بتلك السهولةوأن المشاعرَ لا تتبدلُ مثل الثياب الجميلة..أنا لا أحاولُ تغييرَ رأيكِ.

.إن القرارَ قرارُكِ طبعاً..

ولكنني أشعر الآن أن جذورك تمتد في القلبِ،ذاتَ الشمالِ ، وذات اليمين..فكيف نفكُّ حصارَ العصافير، والبحرِ،والصيفِ، والياسمينْ.

.وكيف نقصُّ بثانيتين؟شريطاً غزلناه في عشرات السنين.

.- أسكب كأساً لنفسي..

-وأنتِ؟تذكرتُ أنكِ لا تشربين..

أنا لست ضد رحيلكِ.. لكن..

أفكر أن السماء ملبدةٌ بالغيوم..وأخشى عليكِ سقوطَ المطرفماذا يضيركِ لو تجلسين؟

لحين انقطاع المطرْ..وما يضيركِ؟

لو تضعينَ قليلاً منَ الكحل فوق جفونكِ..أنتِ بكيتِ كثيراً.

.ومازال وجهكِ رغم اختلاط دموعك بالكحلمثلَ القمرْ..

أنا لست ضدّ رحيلكِ..لكنْ.

.لديَّ اقتراح بأن نقرأ الآن شيئاً من الشعرِ.علَّ قليلاً من الشعرِ يكسرُ هذا الضجرْ.

.تقولينَ إنكِ لا تعجبين بشعري!!

سأقبل هذا التحدي الجديدْ..بكل برودٍ.

. وكل صفاءوأذكرُ..كم كنتِ تحتفلينَ بشعري.

.وتحتضنينَ حروفي صباحَ مساءْ..

وأضحكُ..من نزواتِ النساء.

.فليتكِ سيدتي تجلسينفإن القضية أكبر منكِ .. وأكبرُ مني.

.كما تعلمين..

أما زلتِ غضبى؟إذن سامحيني..

فأنتِ حبيبةُ قلبي على أي حال..سأفرضً أني تصرفتُ مثل جميع الرجالببعض الخشونة.

.وبعض الغرورْ..

فهل ذاك يكفي لقطع جميع الجسورْ؟وإحراقِ كل الشجر..

أنا لا أحاول ردَّ القضاء وردَّ القدر..ولكنني أشعر الآنَ.

.أن اقتلاعكِ من عَصَب القلب صعبٌ..

وإعدام حبكِ صعبٌ..وعشقكِ صعبٌوكرهكِ صعبٌ.

.وقتلكِ حلمٌ بعيد المنالْ..

فلا تعلني الحربَ..إن الجميلاتِ لا تحترفن القتالْ.

.ولا تطلقي النارَ ذات اليمين،وذاتَ الشمال..

ففي آخر الأمرِ..لا تستطيعي اغتيالَ جميع الرجالْ.

.لا تستطيعي اغتيالَ جميع الرجالْ..

حُب بلا حدوديا سيِّدتي:كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخيقبل رحيل العامْ.أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍبعد ولادة هذا العامْ.

.أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.أنتِ امرأةٌ.

.صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..

ومن ذهب الأحلامْ..أنتِ امرأةٌ.

. كانت تسكن جسديقبل ملايين الأعوامْ..يا سيِّدتي:يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.

يا أمطاراً من ياقوتٍ..يا أنهاراً من نهوندٍ.

.يا غاباتِ رخام..

يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.

لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..في إحساسي.

.في وجداني.. في إيماني.

.فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..

يا سيِّدتي:لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.

سوف أحِبُّكِ..عند دخول القرن الواحد والعشرينَ.

.وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..

وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..وسوفَ أحبُّكِ.

.حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..

وتحترقُ الغاباتْ..يا سيِّدتي:أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ.

.ووردةُ كلِّ الحرياتْ.يكفي أن أتهجى اسمك.

.حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..

وفرعون الكلماتْ..يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ.

.حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..

وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..يا سيِّدتيلا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.

لَن يتغيرَ شيءٌ منّي.لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.

لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.حين يكون الحبُ كبيراً..

والمحبوبة قمراً..لن يتحول هذا الحُبُّلحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ.

..يا سيِّدتي:ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَينيلا الأضواءُ.

.ولا الزيناتُ..

ولا أجراس العيد..ولا شَجَرُ الميلادْ.

لا يعني لي الشارعُ شيئاً.لا تعني لي الحانةُ شيئاً.لا يعنيني أي كلامٍيكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.

يا سيِّدتي:لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِحين تدقُّ نواقيس الآحادْ.لا أتذكرُ إلا عطرُكِحين أنام على ورق الأعشابْ.لا أتذكر إلا وجهُكِ.

.حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..

وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..ما يُفرِحُني يا سيِّدتيأن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِبين بساتينِ الأهدابْ.

..ما يَبهرني يا سيِّدتيأن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ.

.أعانقُهُ..

وأنام سعيداً كالأولادْ…

يا سيِّدتي:ما أسعدني في منفايأقطِّرُ ماء الشعرِ..وأشرب من خمر الرهبانْما أقواني.

.حين أكونُ صديقاًللحريةِ.. والإنسانْ.

..يا سيِّدتي:كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ.

.وفي عصر التصويرِ..

وفي عصرِ الرُوَّادْكم أتمنى لو قابلتُكِ يوماًفي فلورنسَا.أو قرطبةٍ.أو في الكوفَةِأو في حَلَبٍ.

أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ…

يا سيِّدتي:كم أتمنى لو سافرنانحو بلادٍ يحكمها الغيتارْحيث الحبُّ بلا أسوارْوالكلمات بلا أسوارْوالأحلامُ بلا أسوارْيا سيِّدتي:لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتيسوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..وأعنفَ مما كانْ.

.أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ.

.وفي تاريخِ الشعْرِ..

وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ…

يا سيِّدةَ العالَمِلا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْأنتِ امرأتي الأولى.أمي الأولىرحمي الأولُشَغَفي الأولُشَبَقي الأوَّلُطوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ..

.يا سيِّدتي:يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولىهاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..

هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..كي أستوطنَ فيها.

.قولي أيَّ عبارة حُبٍّحتى تبتدئَ الأعيادْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *