0

شعر النقائض بين جرير والفرزدق

اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليشعر النقائض بين جرير والفرزدقهجاء جرير للفرزدقيعد كل من جرير والفرزدق من أشهر شعراء فن النقائض على مر العصور، وفيالعصر الأمويعلى وجه الخصوص، إذ حظي هذان الشاعران باهتمام خاص من الدارسين والباحثين، لكثرة النقائض الشعرية التي دارت بينهما، ومن أشهرها قصيدة طويلة يهجو فيها جريرُ الفرزدقَ، ويقول فيها:وَهَل كانَ الفَرَزدَقُ غَيرَ قِردٍ:::أَصابَتهُ الصَواعِقُ فَاِستَداراوَكُنتَ إِذا حَلَلتَ بِدارِ قَومٍ:::رَحَلتَ بِخِزيَةٍ وَتَرَكتَ عاراتَزَوَّجتُم نَوارَ وَلَم تُريدوا:::لِيُدرِكَ ثائِرٌ بِأَبي نَوارافَدينُكَ يا فَرَزدَقُ دينُ لَيلى:::تَزورُ القَينَ حَجّاً وَاِعتِمارافَظَلَّ القَينُ بَعدَ بِكاحِ لَيلى:::يُطيرُ عَلى سِبالِكُمُ الشَرارافردّ عليهالفرزدقُمعاني قصيدته ونقضها بقصيدة طويلة، يقول في بدايتها:جَرَّ المُخزِياتِ عَلى كُلَيبٍجَريرٌ ثُمَّ ما مَنَعَ الذِماراوَكانَ لَهُم كَبَكرِ ثَمودَ لَمّارَغا ظُهراً فَدَمَّرَهُم دَماراعَوى فَأَثارَ أَغلَبَ ضَيغَمِيّاًفَوَيلَ اِبنِ المَراغَةِ ما اِستَثارامِنَ اللائي يَظَلُّ الأَلفُ مِنهُمُنيخاً مِن مَخافَتِهِ نَهاراتَظَلُّ المُخدِراتُ لَهُ سُجوداًحَمى الطُرقَ المَقانِبَ وَالتِجاراكَأَنَّ بِساعِدَيهِ سَوادَ وَرسٍإِذا هُوَ فَوقَ أَيدي القَومِ سارا.ومن النقائض الأخرى الشهيرة التي دارت بين جرير والفرزدق، قصيدة يهجوجريرُالفرزدقَ فيها ويقول:لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّها لَم تُحلَلِبَينَ الكِناسِ وَبَينَ طَلحِ الأَعزَلِوَلَقَد أَرى بِكَ وَالجَديدُ إِلى بِلىًمَوتَ الهَوى وَشِفاءَ عَينِ المُجتَلينَظَرَت إِلَيكَ بِمِثلِ عَينَي مُغزِلٍقَطَعَت حِبالَتَها بِأَعلى يَليَلِوَإِذا اِلتَمَستَ نَوالَها بَخِلَت بِهِوَإِذا عَرَضتَ بِوُدِّها لَم تَبخَلِوَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالمَطِيُّ خَواضِعٌوَكَأَنَّهُنَّ قَطا فَلاةٍ مَجهَلِيَسقينَ بِالأُدَمى فِراخَ تَنوفَةٍزُغباً حَواجِبُهُنَّ حُمرَ الحَوصَلِ.فرد عليه الفرزدقُ وقال:إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنابَيتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُبَيتاً بَناهُ لَنا المَليكُ وَما بَنىحَكَمُ السَماءُ فَإِنَّهُ لا يُنقَلُبَيتاً زُرارَةُ مُحتَبٍ بِفِنائِهِوَمُجاشِعٌ وَأَبو الفَوارِسِ نَهشَلُيَلِجونَ بَيتَ مُجاشِعٍ وَإِذا اِحتَبوابَرَزوا كَأَنَّهُمُ الجِبالُ المُثَّلُلا يَحتَبي بِفِناءِ بَيتِكَ مِثلُهُمأَبَداً إِذا عُدَّ الفَعالُ الأَفضَلُمِن عِزِّهِم جَحَرَت كُلَيبٌ بَيتَهازَرباً كَأَنَّهُمُ لَدَيهِ القُمَّلُ.

هجاء الفرزدق لجريرهجا الفرزدقُ جريراً في قصائد كثيرة، منها أنه هجاه وهو محرم للحج، فقال: "والله لأفسدن على ابن المراغة حجه"، فاستقبله مهاجياً له:إِنَّكَ لاقٍ بِالمُحَصَّبِ مِن مِنىًفَخاراً فَخَبِّرني بِمَن أَنتَ فاخِرُأَبِالقَيسِ قَيسٍ أَم بِخِندِفَ تَعتَزيإِذا زَأَرَت مِنها القُرومُ الهَوادِرُ.فرد عليه جرير بعد حجه وقال:ما لِلفَرَزدَقِ مِن عِزٍّ يَلوذُ بِهِإِلّا بَنو العَمِّ في أَيديهِمُ الخَشَبُسيروا بَني العَمِّ فَالأَهوازُ مَنزِلُكُموَنَهرُ تيرى فَلَم تَعرِفكُمُ العَرَبُالضارِبو النَخلَ لا تَنبو مَناجِلُهُمعَنِ العُذوقِ وَلا يُعيِيهِمُ الكَرَبُ.تعريف شعر النقائضلغةًالنقائض هي جمع النقيضة، ولها معانٍ عديدة في اللغة حسب السياق اللغوي، فنقول نقضَ البناء أي هدمه، ونقض الحبل أي حلّه وفك عقده، وإذا أردنا ضده فالإبرام للحبل والبناء، هذا في المعنى الحسي، أما المعنى المعنوي فيتمثل في نقض العهود والمواثيق، وفي نقض القول والإتيان بما يخالفه، فنقضَ القول أي خالفه وغايره في المعنى.

ومن منبع المعنى المعنوي لكلمة النقائض جاء فن النقائض الشعري، والذي يعني مناقضة القول والمجيء بما يخالفه، ولهذا نقول نقائض جرير والفرزدق -على سبيل المثال-، فمناقضة شاعر لشاعر آخر في المعنى اللغوي تعني مخالفة قوله ومناقضته وقول ما يغايره في المعنى.اصطلاحاًشعر النقائض في المعنى الاصطلاحي هو فن شعريّ يتجه فيه شاعرٌ إلى آخر بقصيدة إما متفاخراً فيها وإما مُهاجياً، فيرد عليه الآخر -متفاخراً أو مُهاجياً- بقصيدة مماثلة لها في القافية والبحر والروي، وبهذا يكون الآخر قد نقضَ ما قاله الأول بما يخالفه، وبالتالي لا بد من وحدة الموضوع في كلا القصيدتين، من هجاءٍ أو رثاءٍ أو نسيبٍ، وغيرها من المواضيع.خصائص شعر النقائضيعتبر شعر النقائض لوناً من ألوانالهجاءإلا أنه استقل عنه بخصائص معينة، منها:أن تكون بين شاعرين يرد أحدهما على الآخر، فإن كانت من جانب واحد لم تكن من فن النقائض.

أن تتشابه القصيدتان في البحر والروي والقافية.أن يردَّ الشاعرُ الثاني على المعاني التي ذكرها الشاعر الأول.أن يكتب الشاعر قصيدة طويلة ذات عدد كبير من الأبيات، وتعد نقيضة الشاعر جرير واحدة من أطول النقائض، إذ تجاوزت خمسين بيتاً شعرياً.

أنها تتأثر بالدين الإسلامي الحنيف، فقد استعان الشعراء في هذا الفن بالعديد من المعاني والمصطلحات الإسلامية، ونظموا شعرهم وأبياتهم في كنفالحضارة الإسلامية.أنها تصوّر عصرها الاجتماعي بشكل أوسع وأوفى.أنها كانت بيئة خصبة لاختلاط التعاليم الإسلامية والجاهلية في آنٍ واحدٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *