شرح قصيدة المتنبي: أرق على أرق
الصور البيانية في قصيدة أرق على أرقالمحسنات البديعية في قصيدة أرق على أرقنص القصيدةتُعدّ قصيدة أرقٌ على أرق من أشهر قصائد المُتنبي، والتي قالها في مدْح محمد بن أوس الأزديّ، والذي لُقّب بأبي شجاع، يقول:أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُوَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُجُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرىعَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌإِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُجَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفينارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُوَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُفَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُوَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّنيعَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقواأَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍأَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُنَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍجَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقواأَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلىكَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوامِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِحَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُخُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَمواأَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُوَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌوَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُوَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌوَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُوَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتيمُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُحَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِحَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُأَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضافَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُكَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَتمِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُوَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِممِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُوَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌلَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُمِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّهاوَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُأَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنالا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُلَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍأَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُيا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُأَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُأَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةًوَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُكَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُالأفكار الرئيسية في القصيدةدارت الأفكار في القصيدة حول ثلاثة محاور جاءت على الشكل الآتي:من البيت الأول إلى الخامسالنسيب ووصف أحوال المحبين ومعاناتهم.من البيت السادس إلى التاسعالحكمة وأخذ العبر والمواعظ من الموت.من البيت العاشر إلى السابع عشرمدح محمد بن أوس وقومه.
معاني مفردات القصيدةجاء في القصيدة بعض المفردات التي لا بدّ من شرحها ومعرفة دلائلها من أجل فهم المعنى العام للقصيدة وهي كالآتي:المفردةالمعنىالأرقامتناع النوم ليلًا.جوىحرقة العشق، الحزن الذي يحطم دواخل النفس البشرية.الصبابةالشوق.
الغضىشجرٌ معروف يُستوقد بناره لقوته واستمرار احتراقه لوقتٍ طويل.عذلتهلُمته (من المبالغة والإكثار في اللوم).البيْنالفراق.
الألىجمع لا مفرد له مشتق منه ويأتي بمعنى الاسم الموصول الذين.تُحدىتُساق.ثرّةغزيرة.
الصور الفنية في القصيدةكثرت التشبيهات والصور الفنية في قصائد المتنبي على وجه العموم وفي قصيدة أرقٌ على أرقٌ على وجه الخصوص، حيث استخدم الشاعر الصور الفنية لإيصال المعنى للمتلقّي، فيما يأتي بعض من الصور الفنية في القصيدة:قول الشاعر:جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرىعَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُصوّر الشاعر نفسه إنسانًا لا يقوى على النوم؛ فعينه ساهرةٌ لا تغلق، كما أنّ قلبه يخفق ويضطرب من شدة الشوق والعشق.قول الشاعر:ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌإِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُصوّر شوقه للأحبة بالشيء الذي يثور ويهيج كلّما لمع البرق ليلًا أو تغنّى طائر بصوته العذب نهارًا، فربّما كان من الجانب الذي فيه الأحبة، ولمعان البرق يحمل معنيين: أحدهما أنه يذكره بثغر المحبوبة المضيء، والثاني أنه يلمع من جانب المحبوبة وناحيتها.قول الشاعر:جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفينارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُصوّر الشاعر العشق وشدته في قلبه نارًا قوية لا تهدأ، وشدتها وقوتها تفوق نار الغضى وإحراقها، وهذا تشبيه بليغ يُعدّ من الصور الجمالية في القصيدة.
قول الشاعر:وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌوَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُصوّر الشاعر الموت بكائن يأتي لقبض الروح وأخذها، وصور النفس وشبّهها بالشيء الثمين الذي يحرص عليه صاحبه، أمّا المغرور بماله في الدنيا فشبّهه بالأحمق البعيد عن الصواب، وفي جملة (الموت آتٍ) وجملة (النفوس نفائس) استعارة مكنية.قول الشاعر:كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَتمِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُصور الشاعر بني أوس حين ظهرت ديارهم شموسًا أشرقت عليه ولم تكن من جهة الشرق وذلك يدل على علوّ مكانتهم ومنزلتهم.قول الشاعر:وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِممِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُشبّه الشاعر الهبات والعطايا بالمطر، كما صوّر الصخور أرضًا ليّنة من حقها أن تنبت وتورق لفضل عطاياهم.
قول الشاعر:وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌلَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُشبّه الشاعر الثناء على الممدوحين بالعطر ذي الرائحة الطيبة، فوصف الثناء بطيب الرائحة لأنّ طيب أخبار الثناء في الآذان مسموعة كطيب الروائح في الأنوف مشمومة.قول الشاعر:مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّهاوَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُصوّر شيوع الثناء على الممدوحين بروائح مسك تستطاب، كما صوّرها طفلًا ينفر من الجميع ويُقبِلُ على أمه.قول الشاعر:أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةًوَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُصوّر جود الممدوح وكرمه الكثير وقد غمر الشاعربسحاب غزير الماء يخشى أن يُغرقه.