0

شرح قصيدة الأمير الدمشقي

اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليشرح قصيدة الأمير الدمشقيقالالشاعر نزار قبانيفي رثاء ابنه توفيق قباني:مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..ومقصوصة كجناح أبيك، هي المفرداتفكيف يغني المغني؟

وقد ملأ الدمع كل الدواه..وماذا سأكتب يا بني؟

وموتك ألغى جميع اللغات..لأي سماء نمد يدينا؟

ولا أحدا في شوارع لندن يبكي علينا..يرثي الشاعر ابنه في موقفٍ كَسَرَ مفردات القباني ولغته، فلا مقام هنا سوى للدموع، وهو الذي يواجه موت ابنه البكر.

يهاجمنا الموت من كل صوب..ويقطعنا مثل صفصافتينفأذكر، حين أراك، علياوتذكر حين تراني الحسينأشيلك، يا ولدي، فوق ظهريكمئذنة كسرت قطعتين.

.وشعرك حقل من القمح تحت المطر..

ورأسك في راحتي وردة دمشقية .. وبقايا قمريأتي الشاعر على ذكر تفاصيل ما بعد خبر الوفاة، فيرى فيه علي الذي قُتل، وهو الذي أخذ دور الحسين في الحزن والألم مع انقلاب الأدوار، فالحزن الآن هو سيد الموقف، وهو يحمل ابنه وشعره متدلٍ إثر آخر مطر يطرق شعره، وهو الذي يشبهدمشقفي جمالها.أواجه موتك وحدي.

.وأجمع كل ثيابك وحديوألثم قمصانك العاطرات..

ورسمك فوق جواز السفروأصرخ مثل المجانين وحديوكل الوجوه أمامي نحاسوكل العيون أمامي حجرفكيف أقاوم سيف الزمان؟وسيفي انكسر..

يُحاول نزار أن يُخفى الآن آخر معالم ابنه ويتلمس جواز سفره لكنّ كل ما حوله يفرض عليه ألّا ينساه، فكل الوجوه بلا حياة الآن سوى وجه ابنه، وكيف يُحارب الزمان وقد كُسر سيفه وبات من دون سلاح.سأخبركم عن أميري الجميلسأخبركم عن أميري الجميلعن الكان مثل المرايا نقاء، ومثل السنابل طولا..

ومثل النخيل..وكان صديق الخراف الصغيرة، كان صديق العصافيركان صديق الهديل.

.سأخبركم عن بنفسج عينيه..

هل تعرفون زجاج الكنائس؟هل تعرفون دموع الثريات حين تسيل..

وهل تعرفون نوافير روما؟وحزن المراكب قبل الرحيليأتي الشاعر الآن على ذكر صفات ابنه، وتتضارب الصورة في ذاكرته، فتارة يراه ذلك الطفل الصغير صديق الخراف، وأخرى يراه سيد الأناقة والجمال، وهو الذي يُشبه معالم البهجة على هذه الأرض.سأخبركم عنه.

.كان كيوسف حسنا.. وكنت أخاف عليه من الذئبكنت أخاف على شعره الذهبي الطويلوأمس أتوا يحملون قميص حبيبيوقد صبغته دماء الأصيلفما حيلتي يا قصيدة عمري؟

إذا كنت أنت جميلا..وحظي جميلا.

.لماذا الجرائد تغتالني؟وتشنقني كل يوم بحبل طويل من الذكرياتأحاول أن لا أصدق موتك، كل التقارير كذبوكل كلام الأطباء كذب.

وكل الأكاليل فوق ضريحك كذب..وكل المدامع والحشرجات.

.يُعيد الشاعر على مسامع النّاس صفات ابنه الذي يراه يوسف، ويرى في نفسه يعقوب، وقد جاؤوا بقميص ابنه، إلّا أنّه يأبى أن يُصدق ذلك، فالكل كاذبون وهو لا يُريد أن يرى عين الحقيقة، ولكنّ الجرائد لم ترحم مشاعره وضعفه، والتقارير لم تأبه لألمه فكلهم شركاء في تلك الحقيقة الموجعة.أحاول أن لا أصدق أن الأمير الخرافي توفيق مات.

.وأن الجبين المسافر بين الكواكب مات..

وأن الذي كان يقطف من شجر الشمس مات..وأن الذي كان يخزن ماء البحار بعينيه مات.

.فموتك يا ولدي نكتة .. وقد يصبح الموت أقسى النكاتيُحاول الشاعر جاهدًا أن يُكذب تلك الحقيقة المرة الأليمة، ولكن هيهات أن يكون ذلك، ربما كان ذلك مثل النكتة الجادة، ولكن يا لقساوة تلك النكتة.

أحاول أن لا أصدق ها أنت تعبر جسر الزمالكها أنت تدخل كالرمح نادي الجزيرة، تلقي على الأصدقاء التحيةتمرق مثل الشعاع السماوي بين السحاب وبين المطر..وها هي شفتك القاهرية، هذا سريرك، هذا مكانجلوسك، ها هي لوحاتك الرائعات.

.وأنت أمامي بدشداشة القطن، تصنع شاي الصباحوتسقي الزهور على الشرفات..

أحاول أن لا أصدق عيني..هنا كتب الطب ما زال فيها بقية أنفاسك الطيباتوها هو ثوب الطبيب المعلق يحلم بالمجد والأمنياتفيا نخلة العمر .

. كيف أصدق أنك ترحل كالأغنياتوأن شهادتك الجامعية يوما .. ستصبح صك الوفاهلا يُمكن لنزار أن يُصدق حقيقة موت ابنه، فهو يراه في كلّ مكانٍ ألفه فيه، يراه في الصباح حين كان يُشاركه كأس الشاي، ويُحاول أن يتلمس الكتب التي ما زال فيها بقايا من أنفاسه، ولكن مع الأسف لن يستلم شهادته الجامعية؛ لأنّ صك الوفاة قد سبق.الأفكار الرئيسة في قصيدة الأمير الدمشقيوردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة، وهي كالآتي:عجز الشاعر عن رثاء ابنه والاستعانة بالكلمات.

ذكر حالة الشاعر وهو يحمل ابنه على يمينه بعد موته.ذكر صفات ابنه الذي يرثيه الخَلقية والخُلقية.عدم قدرة الشاعر على تصديقه موت ابنه.

الصور الفنية في قصيدة الأمير الدمشقيورد في القصيدة مجموعة منالصور الشعريةالفنية التي لا بدّ من الوقوف عليها، وهي التي استعان بها نزار ليُصور حجم الأمل داخله، وهي كالآتي:مكسرة كجفون أبيك هي الكلماتتشبيه تام الأركان، حيث شبه الكلمات بالزجاج المكسور، وهذه هي حالة جفونه، فأبقى على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه.يهاجمنا الموتجعل الموت مثل الإنسان الذي يهاجم، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه، وهواستعارة مكنية.وشعرك حقل من القمحتشبيه بليغ، حيث شبه شعر ابنه بالحقل، فأبقى على المشبه والمشبه به وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *