تحليل قصيدة حب بلا حدود
اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليتحليل قصيدة حب بلا حدوديمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:تحليل المقطع الأوليا سيدتي:كنت أهم امرأةٍ في تاريخيقبل رحيل العام.أنت الآن.. أهم امرأةٍبعد ولادة هذا العامأنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأةٌصُنِعت من فاكهة الشعرومن ذهب الأحلامأنت امرأةٌ.. كانت تسكن جسديقبل ملايين الأعوامبدأ الشاعر نزار قبّاني قصيدته هذه مستخدمًاأسلوب النداءفي خضم مخاطبته لامرأة، والملاحظ أنّه وصفها بسيدته، فهو بهذا الوصف يُعلي من شأنها ويلمح للسامع بأن علاقته بهذه السيدة ليست علاقة آنية أو سطحية، بل هي أوسع من ذلك، فقد بلغت هذه المرأة عنده حدّ السيادة والتملك.ومن ثمّ يعلن الشاعر عن كون هذه المرأة أهمّ امرأةٍ في الدنيا بالنسبة له في العام الفائت، وقد ظلت كذلك بعد دخول السنة الجديدة، فحبه لهذه المرأة متواصل ليس مقرونًا بوقتٍ محدد تنتهي فيه علاقتهما، وذلك لأنها تميزت على غيرها، فكلامه شعر، وهيئتها كالذهب الذي يُرى في الأحلام.
والملاحظ أنّ الشاعر يكرر استعمال كلمة امرأة، ولعل هذا التكرار جاء لعمق محبته لها، ولأنّ فيها صفات المرأة التي ترضيه، فليس كل النساء في عينه يمتلكن صفات الأنوثة مثل هذه المرأة التي سكنت جسده، فهي لا تنفك عنه، إذ أصبحت مثل أعضاء الجسد أمرًا لا يفارق الشاعر.تحليل المقطع الثانييا سيدتي:يالمغزولة من قطنٍ وغمام.يا أمطارًا من ياقوتٍ.
.يا أنهارًا من نهوندٍ..
يا غابات رخام..يا من تسبح كالأسماك بماء القلب.
.وتسكن في العينين كسرب حمام.لن يتغير شيءٌ في عاطفتي.
.في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أظل على دين الإسلامأمّا في المقطع الثاني نجد أنّ الشاعر يُعيد افتتاح المقطع بقوله يا سيدتي، لكنه يبدأ بمناداتها بصفاتٍ غزليّة، فيصفها بأنها نُسجت بالقطن لرقتها ونعومتها، ويصفها بأمطار الياقوت وبأنهار النهوند، وبغاباتٍ من الرخام، ويصفها بالسمك، وبالحمام، فقد أسقط عليها كافة عناصر الطبيعة الحية والجامدة التي تمتاز بصفات الجمال.لكنه يشير في نهاية المقطع إلى ثبوته على الدين، وكأن الشاعر يريد إخبار المتلقي بأنّ صفات جمالها قد تدفع المرء للكفر، فجمالها يفتن العقل، وقد يؤدي بالإنسان إلى التفريط بأكثر الأمور تمسكًا بها، وهي الدين لدى مرآها.تحليل المقطعين الثالث والرابع3يا سيدتي:لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كل الأوقات.سوف أحبك.
.عند دخول القرن الواحد والعشرين..
وعند دخول القرن الخامس والعشرين..وعند دخول القرن التاسع والعشرين.
.وسوف أحبك..
حين تجف مياهالبحر..وتحترق الغابات.
.4يا سيدتي:أنت خلاصة كل الشعرووردة كل الحرياتيكفي أن أتهجى اسمكحتى أصبح ملك الشعروفرعون الكلمات..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكحتى أدخل في كتب التاريخوترفع من أجلي الراياتالناظر إلى هذين المقطعين يجد أنّ الشاعرنزار قبانيفي المقطع الثالث يحاول طمأنة محبوبته من هاجس يخيفها وهو الزمن، فالزمن يشكل بالنسبة لها عقدة وجودية، فهو هالة تدميرية، إذ إنّ تقدّم الزمن على الإنسان يهدم صفاته الجمالية الجسدية، لكنّ الشاعر يطمئن محبوبته بأنّه سيستمر بحبها حتى لو توالت القرون، وقارب العالم على الانتهاء.وفي المقطع الرابع نجد أنّ الشاعر يستمر بطمأنتها، فيراها سبب سعادته، وسبب تدفق شعره وسيطرته على الكلام، فهو يرى هذه المرأة سبب دخوله التاريخ؛ لما سيكتبه فيها من شعر، فيسقط على نفسه ألفاظ تملكية؛ ولعل ذلك لتعزيز حضور مفهوم سيطرته على الشعر.تحليل المقاطع (الخامس – السابع)5يا سيدتيلا تضطربي مثل الطائر في زمن الأعياد.
لن يتغير شيءٌ مني.لن يتوقف نهر الحب عن الجريانلن يتوقف نبض القلب عن الخفقانلن يتوقف حجل الشعر عن الطيرانحين يكونالحبكبيرًاوالمحبوبة قمرًالن يتحول هذا الحبلحزمة قشٍ تأكلها النيران6يا سيدتي:ليس هنالك شيءٌ يملأ عينيلا الأضواءولا الزيناتولا أجراس العيدولا شجر الميلادلا يعني لي الشارع شيئاًلا تعني لي الحانة شيئاًلا يعنيني أي كلامٍيكتب فوق بطاقات الأعياد7يا سيدتي:لا أتذكر إلا صوتكحين تدق نواقيس الآحادلا أتذكر إلا عطركحين أنام على ورق الأعشابلا أتذكر إلا وجهك..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجوأسمع طقطقة الأحطابوفي هذه المقاطع الثلاث نجد أنّ الشاعر يستمر بطمأنتها، فهو حريص كما نرى على إرضائها، فيؤكد على أنّ حبه لها سيستمر، ويصفه بنهر قويٍ جارٍ، فهو لن يتخلى عنها، ويؤكد لها أنّ أيّ شيءٍ يلمع غير عينيها لا يهتم له، فلمعة عينيها طغت على كلِّ لمعة، أمّا صوتها فهو الصوت الوحيد الذي يذكر الشاعر وكذلك رائحتها، فالشاعر يستغرق في التفاصيل، ويؤكد تعلقه بكل تفاصيلها، فهو قد بلغ درجة عُليا فيالحب والعشق، إذ تجاوز عشق الكل إلى الأجزاء.تحليل المقاطع (الثامن – الحادي عشر)8ما يفرحني يا سيدتيأن أتكوم كالعصفور الخائفبين بساتين الأهداب9ما يبهرني يا سيدتيأن تهديني قلماً من أقلام الحبرأعانقهوأنام سعيداً كالأولاد10يا سيدتي:ما أسعدني في منفايأقطر ماء الشعروأشرب من خمر الرهبانما أقواني..
حين أكون صديقاًللحرية.. والإنسان11يا سيدتي:كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنويروفي عصر التصويروفي عصر الروادكم أتمنى لو قابلتك يومًافي فلورنسا.أو قرطبةٍ.
أو في الكوفةأو في حلبٍ.أو في بيتٍ من حارات الشامأمّا في هذه المقاطع ينتقل الشاعر إلى تصوير علاقتها مع هذه المرأة، فهي علاقة حارّة، إذ أصبح الشاعر فيها طفلاً بسيطًا؛ وذلك لشعوره بالدفء والأمن بجانبها، فهو يصف نفسه أمامها بالعصفور، ولعل ذلك ليثير في نفسها مشاعر الألفة والأمن.ومن ثمّ نراه يتمنى الحصول على قلم حبر منها؛ ليفرح كالطفل، ولعل تمني الشاعر لهذه الأمنية ليستمر فيكتابة الشعرلها، ونراه أيضًا يطلب أن يكون هذا القلم حبرًا، فهو يريد كتابة شعر لا يُمحى، وكذلك علاقته معها لا يريد لها أن تنتهي.
ونجد أنّ الشاعر يعمق سعادته في هذا الحب، فهو سوف يكون سعيدًا معها حتى لو نُفي، فهو سيظل يكتب الشعر فيها، ويشرب من خمر معتق، حتى تستمر أشعاره الدافئة، ورغبته الجامحة في الكتابة لها، ونراه لا يربط حبها بمكان، فهو يرى أنّ حبه لهذه المرأة لا يقيده فضاء مكاني ولا زماني.تحليل المقاطع (الثاني عشر- الخامس عشر)12يا سيدتي:كم أتمنى لو سافرنانحو بلادٍ يحكمها الغيتارحيث الحب بلا أسواروالكلمات بلا أسواروالأحلام بلا أسوار13يا سيدتي:لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتيسوف يظل حنيني أقوى مما كانوأعنف مما كانأنت امرأةٌ لا تتكرر.. في تاريخ الوردوفي تاريخ الشعروفي ذاكرة الزنبق والريحان14يا سيدة العالملا يشغلني إلا حبك في آتي الأيامأنت امرأتي الأولى.
أمي الأولىرحمي الأولشغفي الأولشبقي الأولطوق نجاتي في زمن الطوفان15يا سيدتي:يا سيدة الشعر الأولىهاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها..هاتي يدك اليسرى.
.كي أستوطن فيها..
قولي أي عبارة حبٍحتى تبتدئ الأعيادفي هذه المقاطع الأخيرة نجد أنّ الشاعر يتمنى الطلاقة وحريةً مع هذه المرأة، ونراه ويتمنى إيجاد فضاء مكاني يسافران معًا إليه لا يكون لحبهما فيه حدود، ونراه يلحُّ عليها بعدم انشغالها بالزمن، والتفكير بالمستقبل، فهو يطالبها أن تعيش الحاضر بسعادته، ولا تهتم بالمستقبل فهو بعيد، فالشاعر يعلن لها أنّه لا يهتم بشيءٍ سواها، فهي في نظره سيدة العالم، فقد تجاوزت سيادتها الشاعر إلى ما هو أبعد، فهي عنده كل شيء.