0

المواكب لجبران خليل جبران

تحليل قصيدة المواكبأشعار حب لجبران خليل جبرانتسمية قصيدة المواكبسميّت القصيدة بالمواكب؛ لأنها تُبيّن مواكب الناس في حياتهم الواقعية، كما تُصوّر مواكب النفوس التي تتطلّع دائمًا إلى هدف بعد الحياة الواقعية الملموسة، وهذا المعنى هو (الكمال).الموضوع العام لقصيدة المواكبيتحدّث جبران في القصيدة عن الثنائيات المتضادة كليًّا من خلال الحوار؛ لذلكجاءت القصيدة على شكل لوحة حواريةلتجسّد هذه التضادات، مثلًا في القصيدة صوت عن الفرح وآخر عن الحزن، وصوت عن الروح وآخر عن الجسد، كما تُبيّن حيرة الشاعر في الاختيار بين المتناقضات.ومن الجدير بالذكر أنّ جميع الأبيات تحمل رمزية وجوديّة إلى أنْ تزول الفوارق في النهاية وتنسجم المتناقضات.

معاني مفردات قصيدة المواكبفيما يأتي شرح مفردات قصيدة المواكب:المفردةمعنى المفردةالوقرُالرجل الحليم الرزين.يُعربدُساء خُلُقه وآذى الناس.مُدامالمطر الدائم.

إكسيرشرابٌ أسطوري يطيل العُمر.وَطَرُالحاجة في مأرب وهِمّة، أو نال منه بُغيته.الزرازيرجمع زرزور وهو طائر أكبر من العصفور بقليل.

البُزاةمفردها بازي وهو أحد الطيور الجارحة.بُردُكساء مُخطط يُلتحف به.تأتزرُيلبُ الإزار وهو ثوبٌ يُحيط بالنِّصف الأَسفل من البدن يذكر ويؤَنث.

طُرًّاما كان في الأرض من غير التراب والرمل والحجر.الأريبالحاذق الماهر البارع.أثيلالأصيل ذو المكانة.

زنيماللئيم المعروف بشرّه.ضليعالقوي ومن له معرفة واسعة بالشيء.سُوَرُجمع سوار، وهو حلقة من الذهب تُتخذ للزينة.

السلسبيلالخمر أو الشرابُ السهلُ المرورِ في الحلقِ لعذوبته.الصلدالصلب الأملس الشديد.الظريفالبارع الحاذق والممتع الفَكِه.

خارتصاحت.حُشَاشةروح القلب ورمق الحياة.غبوقما يُحلب أو ما يُشرب في العشي.

نغولالنمّام.الأثيريالمفَضَّل على غيره.الصاديالشديد العطش.

الصور الفنية في قصيدة المواكبفيما يأتيشرح لأهم الصور الشعريةالتي وردت في قصيدة المواكب:وأكثر الناس آلاتٌ تحركهاأصابع الدهر يومًا ثم تنكسرُشبّه الشاعر الدهر بالإنسان الذي يُحرّك الناس مثل الدمى القماشية بين أصابعه، والصورة الفنية هنا استعارة مكنية؛ لأنه ذكر الأصابع التي تخص الإنسان ونسبها للدهر.فإذا ما هبَّ يومًاسائرًا سار الجميعْاستعارة مكنية، حيث يُشبه الشخص القوي الذي يأبى أنْ يكون تابعًا لغيره بالريح التي تهبُّ وتأخذ كل شيء معها.وغيوم النفس تبدومن ثناياها النجومْاستعارة أصلية، حيث شبّه الشاعر النفس البشرية بالسماء التي تحجبُ الغيومُ النجومَ فيها، لكنّها مع ذلك تظهر من خلالها.

فالقومُ لولا عقاب البعثِ ما عبدواربًّا ولولا الثوابُ المرتجى كفروااستخدم الشاعر أسلوبالطباقالإيجابي بين لفظتيّ (عقاب وثواب) ليُبيّن حالين مختلفين، فإما العبادة خوفًا من العقاب، وإما الإيمان أملًا بالثواب.إن عدلَ الناسِ ثلجُ.. إنْ رأتهُ الشمس ذابْاستعارة أصلية، حيث يُشبّه الشاعر العدل بين الناس بالثلج الذي يذوب عندما تراه أشعة الشمس، دلالةً على وهنه.

كلمات قصيدة المواكبمؤلف قصيدة المواكب هو جبران خليل جبران،من أدباء المهجر، والقصيدة فلسفية كُتبت باللغة العربية ونُشرت عام 1919م،تتكون من 203 أبيات، مُقسمةً إلى أدوار مثل الموشحات، وكل دَوْر فيها مُكوّن من حوار فلسفيّ بين شيخ فيلسوف وشاب عادي،وتتحدث القصيدة عن كل ما يُهمُّ الناس من المشاعر والأمور الحياتية، مثل: العدل، والظلم، والحب، والخير، والشر، والحزن، والفرح، والسعادة، والأبدية، والموت،وفيما يأتي نص القصيدة للشاعرجبران خليل جبران:الخير في الناس مصنوعٌ إذا جُبرواوالشرُّ في الناس لا يفنى وإِن قبرواوأكثر الناس آلاتٌ تحركهاأصابع الدهر يومًا ثم تنكسرُفلا تقولنَّ هذا عالم علمٌولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُفأفضل الناس قطعانٌ يسير بهاصوت الرعاة ومن لم يمشِ يندثرليس في الغابات راعٍلا ولا فيها القطيعْفالشتا يمشي ولكنلا يُجاريهِ الربيعْخُلقَ الناس عبيدًاللذي يأْبى الخضوعْأعطني النايَ وغنِّفالغنا يرعى العقولْوأنينُ الناي أبقىمن مجيدٍ وذليلْ****وما الحياةُ سوى نومٍ تراودهأحلام من بمرادِ النفس يأتمرُوالسرُّ في النفس حزن النفس يسترهُفإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُوالسرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُفإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُفإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدرِجاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ****ليس في الغابات حزنٌلا ولا فيها الهمومْفإذا هبّ نسيمٌلم تجئ معه السمومْليس حزن النفس إلاظلُّ وهمٍ لا يدومْوغيوم النفس تبدومن ثناياها النجومْأعطني الناي وغنِّفالغنا يمحو المحنْوأنين الناي يبقىبعد أن يفنى الزمنْوقلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كماتأتيهِ عفوًا ولم يحكم بهِ الضجرْلذلك قد حوَّلوا نهر الحياة إلىأكواب وهمٍ إذا طافوا بها خدروافالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُرهنُ الهوى وعَلىَ التخدير قد فُطروافذا يُعربدُ إن صلَّى وذاك إذاأثرى وذلك بالأحلام يختمرُفالأرض خمارةٌ والدهر صاحبهاوليس يرضى بها غير الألى سكروافإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجبًاهل استظلَّ بغيم ممطر قمرُ****ليس في الغابات سكرٌمن مدامِ أو خيالْفالسواقي ليس فيهاغير أكسير الغمامْإنما التخديرُ ثديٌوحليبٌ للأنامفإذا شاخوا وماتوابلغوا سن الفطامْأعطني النايَ وغنِّفالغنا خير الشرابْوأنين الناي يبقىبعد أن تفنى الهضابوالدين في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُغيرُ الأولى لهمُ في زرعهِ وطرُمن آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍومن جهول يخافُ النارَ تستعرُفالقومُ لولا عقاب البعثِ ما عبدواربًّا ولولا الثوابُ المرتجى كفرواكأنما الدينُ ضربٌ من متاجرهمْإِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسرواليس في الغابات دينٌ.. لا ولا الكفر القبيحْفإذا البلبل غنى.. لم يقلْ هذا الصحيحْإنَّ دين الناس يأْتي.

. مثل ظلٍّ ويروحْلم يقم في الأرض دينٌ.. بعد طه والمسيحأعطني الناي وغنِّ.. فالغنا خيرُ الصلاةوأنينُ الناي يبقى.

. بعد أن تفنى الحياةْ****والعدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوابهِ ويستضحكُ الأموات لو نظروافالسجنُ والموتُ للجانين إن صغرواوالمجدُ والفخرُ والإثراءُ إن كبروافسارقُ الزهر مذمومٌ ومحتقرٌوسارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطروقاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِوقاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ****ليس في الغابات عدلٌ.. لا ولا فيها العقابْفإذا الصفصاف ألقى.. ظله فوق الترابْلا يقول السروُ هذي.

.بدعةٌ ضد الكتابْإنْ عدلَ الناسِ ثلجُ..

إنْ رأتهُ الشمس ذابْأعطني الناي وغنِ..فالغنا عدلُ القلوبْوأنين الناي يبقى.

.بعد أن تفنى الذنوبْوالحقُّ للعزمِ والأرواح إن قويتْسادتْ وإن ضعفتْ حلت بها الغيرُففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُبنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضرواوفي الزرازير جُبن وهي طائرةوفي البزاةِ شموخٌ وهي تحتضروالعزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكرهعزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا****ليس في الغابات عزمٌ.. لا ولا فيها الضعيفْفإذا ما الأُسدُ صاحت.

.لم تقلْ هذا المخيفْإن عزم الناس ظلٌّ.. في فضا الفكر يطوفْوحقوق الناس تبلى.

. مثل أوراق الخريفْأعطني الناي وغنِّ..فالغنا عزمُ النفوسْوأنينُ الناي يبقى.

. بعد أن تفنى الشموسْوالعلمُ في الناسِ سبلٌ بأنَ أوَّلهاأما أواخرها فالدهرُ والقدرُوأفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرت بهِوسرتَ ما بين أبناء الكرى سخروافإن رأيتَ أخا الأحلام منفرداعن قومهِ وهو منبوذٌ ومحتقرُفهو النبيُّ وبُرد الغد يحجبهُعن أُمةٍ برداءِ الأمس تأتزرُوهو الغريبُ عن الدنيا وساكنهاوهو المهاجرُ لامَ الناس أو عذرواوهو الشديد وإن أبدى ملاينةًوهو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا****ليس في الغابات علمٌ.. لا ولا فيها الجهولْفإذا الأغصانُ مالتْ.. لم تقلْ هذا الجليلْإنّ علمَ الناس طرَّا.

. كضبابٍ في الحقولْفإذا الشمس أطلت..من ورا الأفاق يزولْأعطني النايَ وغنِّ.

.فالغنا خير العلومْوأنينُ الناي يبقى..

بعد أن تطفي النجومْوالحرُّ في الأرض يبني من منازعهِسجنا لهُ وهو لا يدري فيؤتسرْفان تحرَّر من أبناء بجدتهِيظلُّ عبدًا لمن يهوى ويفتكرُفهو الأريب ولكن في تصلبهِحتى وللحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُوهو الطليقُ ولكن في تسرُّعهِحتى إلى أوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ****ليس في الغابات حرٌّ.. لا ولا العبد الدميمْإنما الأمجادُ سخفٌ.. وفقاقيعٌ تعومْفإذا ما اللوز ألقى.

. زهره فوق الهشيمْلم يقلْ هذا حقيرٌ.. وأنا المولى الكريمْأعطني الناي وغنِّ.. فالغنا مجدٌ أثيلوأنين الناي أبقى.

. من زنيمٍ وجليلْواللطفُ في الناسِ أصداف وإن نعمتْأضلاعها لم تكن في جوفها الدررُفمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌمن العجين وأُخرى دونها الحجرُومن خفيفٍ ومن مستأنث خنثِتكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُواللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِإن راعهُ وجلٌ أو هالهُ الخطرُفإن لقيتَ قويًّا لينًا فبهِلأَعينٍ فقدتْ أبصارها البصرُ****ليس في الغابِ لطيفٌ.. لينهُ لين الجبانْفغصونُ البان تعلو.. في جوار السنديانْوإذا الطاووسُ أُعطي.

. حلةً كالأرجوانفهوَ لا يدري أحسنٌ.. فيهِ أم فيهِ افتتانأعطني الناي وغنِّ.. فالغنا لطفُ الوديعْوأنين الناي أبقى.

. من ضعيفٍ وضليعْوالظرفُ في الناس تمويهٌ وأبغضهُظرفُ الأولى في فنون الاقتدا مهروامن مُعجبٍ بأمورٍ وهو يجهلهاوليس فيها له نفعٌ ولا ضررُومن عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكًافي صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُومن شموخٍ غدت مرآتهُ فلكًاوظلهُ قمرًا يزهو ويزدهرُ****ليس في الغاب ظريف.. ظرفهُ ضعف الضئيلْفالصبا وهي عليل.. ما بها سقمُ العليلْإن بالأنهار طعمًا.

. مثل طعم السلسبيلْوبها هولٌ وعزمٌ.. يجرفُ الصلدَ الثقيلْأعطني الناي وغنِّ.. فالغنا ظرفُ الظريفْوأنين الناي أبقى.

. من رقيق وكثيفْوالحبُّ في الناس أشكالٌ وأكثرهاكالعشب في الحقل لا زهرٌ ولا ثمرُوأكثرُ الحبِّ مثلُ الراح أيسره:::يُرضي وأكثرهُ للمدمنِ الخطرُوالحبُّ إن قادتِ الأجسام موكبهُإلى فراش من الأغراض ينتحرُكأنهُ ملكٌ في الأسر معتقلٌيأبى الحياة وأعوان له غدرواليس في الغاب خليع.. يدَّعي نُبلَ الغرامْفإذا الثيران خارتْ.. لم تقلْ هذا الهيامْإن حبَّ الناس داءٌ.

. بين حلمٍ وعظامْفإذا ولَّى شبابٌ.. يختفي ذاك السقامْأعطني النايَ وغنِّ.. فالغنا حبٌّ صحيحْوأنينُ الناي أبقى.

. من جميل ومليحْفان لقيتَ محبًا هائمًا كلفًافي جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُوالناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسىيبغي من الحبِّ أو يرجو فيصطبرُأَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُوليس في تلك ما يحلو ويعتبرُفقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدواأنَّى دروا كنهَ من يحيي وما اختبروا****ليس في الغابات عذلٌ.. لا ولا فيها الرقيبْفإذا الغزلانُ جُنّتْ.. إذ ترى وجه المغيبْلا يقولُ النسرُ واهًا.

. إن ذا شيءٌ عجيبْإنما العاقل يدعى.. عندنا الأمر الغريبْأعطني الناي وغنِّ.. فالغنا خيرُ الجنونوأنين الناي أبقى.

. من حصيفٍ ورصينْوقل نسينا فخارَ الفاتحينَ وماننسى المجانين حتى يغمر الغمرُقد كان في قلب ذي القرنين مجزرةٌوفي حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْوفي انكساراتِ هذا الفوزُ والظفرُوالحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُكالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ****ليس في الغابات ذكرٌ.. غير ذكر العاشقينْفالأولى سادوا ومادوا.. وطغوا بالعالمينأصبحوا مثل حروفٍ.

. في أسامي المجرمينْفالهوى الفضّاح يدعى.. عندنا الفتح المبينْأعطني الناي وغنّ.. وانسَ ظلم الأقوياءإنما الزنبق كأسٌ.

. للندى لا للدماءوما السعادة في الدنيا سوى شبحٍيُرجى فإن صارَ جسمًا ملهُ البشرُكالنهر يركض نحو السهل مكتدحًاحتى إذا جاءَهُ يبطي ويعتكرُلم يسعد الناسُ إلا في تشوُّقهمْإلى المنيع فإن صاروا بهِ فتروافإن لقيتَ سعيدًا وهو منصرفٌعن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ****ليس في الغاب رجاءٌ.. لا ولا فيه المللْكيف يرجو الغاب جزءا.. وعَلىَ الكل حصلْوبما السعيُ بغابٍ.

. أَملًا وهو الأملْإنما العيش رجاءً.. إِحدى هاتيك العللْأعطني النايَ وغنِّ.. فالغنا نارٌ ونورْوأنين الناي شوقٌ.

. لا يدانيهِ الفتورغايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْفلا المظاهرُ تبديها ولا الصوَرُفذا يقول هي الأرواح إن بلغتْحدَّ الكمال تلاشت وانقضى الخبرُكأنما هي.. أثمار إذا نضجتْومرَّتِ الريح يومًا عافها الشجرُوذا يقول هي الأجسام إن هجعتلم يبقَ في الروح تهويمٌ ولا سمرُكأنما هي ظلٌّ في الغدير إذاتعكر الماءُ ولّت وامَّحى الأثرضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍتُثوى ولا هي في الأرواح تختصرفما طوتْ شمألٌ أذيال عاقلةٍإلا ومرَّ بها الشرقيْ فتنتشرُ****لم أجد في الغاب فرقًا.. بين نفس وجسدْفالهوا ماءٌ تهادى.

. والندى ماءٌ ركدْوالشذا زهرٌ تمادى.. والثرى زهرٌ جمدْوظلالُ الحورِ حورٌ.. ظنَّ ليلًا فرقدْأعطني النايَ وغنِّ.

. فالغنا جسمٌ وروحوأنينُ الناي أبقى.. من غبوق وصبوحْوالجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِحتى البلوغِ فاستعلى وينغمرُفهي الجنينُ وما يوم الحمام سوىعهدِ المخاض فلا سقطٌ ولا عسرُلكن في الناس أشباحًا يلازمهاعقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُفهي الدخيلةُ والأرواح ما وُلدتمن القفيل ولم يحبل بها المدرُوكم عَلَى الأرض من نبتٍ بلا أَرجٍوكم علا الأفق غيمٌ ما به مطرُ****ليس في الغاب عقيمٌ.. لا ولا فيها الدخيلْإنَّ في التمر نواةً.

. حفظت سر النخيلْوبقرص الشهد رمزٌ.. عن فقير وحقولْإنما العاقرُ لفظ.. صيغ من معنى الخمولْأعطني الناي وغنِّ.

. فالغنا جسمٌ يسيلْوأنينُ الناي أبقى.. من مسوخ ونغولْوالموتُ في الأرض لابن الأرض خاتمةٌوللأثيريّ فهو البدءُ والظفرُفمن يعانق في أحلامه سحرًايبقى ومن نامَ كل الليل يندثرُومن يلازمُ تربًا حالَ يقظتهِيعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُفالموتُ كالبحر مَنْ خفّت عناصرهيجتازه وأخو الأثقال ينحدرُ****ليس في الغابات موتٌ.. لا ولا فيها القبورفإذا نيسان ولىَّ.

. لم يمتْ معهُ السرورْإنَّ هولِ الموت وهمٌ.. ينثني طيَّ الصدورْفالذي عاش ربيعًا.. كالذي عاش الدهورْأعطني الناي وغنِّ.

. فالغنا سرُّ الخلودوأنين الناي يبقى.. بعد أن يفنى الوجودأعطني الناي وغنِّ.. وانس ما قلتُ وقلتاإنما النطقُ هباءٌ.

. فأفدني ما فعلناهل تخذتَ الغاب مثلي.. منزلاً دون القصورْفتتبعتَ السواقي.. وتسلقتَ الصخورْهل تحممتَ بعطرٍ.

. وتنشقت بنورْوشربت الفجر خمرًا.. في كؤُوس من أثيرهل جلست العصر مثلي.. بين جفنات العنبْوالعناقيد تدلتْ.

. كثريات الذهبْفهي للصادي عيونٌ.. ولمن جاع الطعامْوهي شهدٌ وهي عطرٌ.. ولمن شاءَ المدامْهل فرشتَ العشب ليلًا.

. وتلحفتَ الفضازاهداً في ما سيأْتي.. ناسيًا ما قد مضىوسكوت الليل بحرٌ.. موجهُ في مسمعكْوبصدر الليل قلبٌ.

. خافقٌ في مضجعكْأعطني الناي وغنِّ.. وانسَ داًْء ودواءإنما الناس سطورٌ.. كتبت لكن بماءليت شعري أي نفعٍ.

. في اجتماع وزحامْوجدالٍ وضجيجٍ.. واحتجاجٍ وخصامْكلها إنفاق خُلدٍ.. وخيوط العنكبوتْفالذي يحيا بعجزٍ.

. فهو في بطءٍ يموتْالعيشُ في الغاب والأيام لو نُظمتفي قبضتي لغدت في الغاب تنتثرلكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌفكلما رمتُ غابًا قامَ يعتذرُوللتقادير سبلٌ لا تغيرهاوالناس في عجزهم عن قصدهم قصروا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *