0

العصر الأموي وشعر النقائض

اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليعوامل ظهور شعر النقائض في العصر الأمويساهمت عدة عوامل في تشكيل نمط الحياة وأسلوبها الأدبي والثقافي فيالعصر الأمويلعلّ أبرزها ما يأتي:الامتزاج بالأمم الأخرىفبعد امتداد الفتوحات ووصولها لمختلف الأمم كالفرس والروم والأقباط والأمازيغ بالإضافة للعرب كل هذه العناصر شكلت طبيعة الحياة في العصر الأموي بعد دخولها في الإسلام.العامل الإسلاميحيث شكّل الدين الإسلامي القالب الذي على الأشعار والأدب أنّ يُصب فيه.السياسةفقد تعدّدت المشارب السياسية حيث كانت أبرز التيّارات السياسية هم الأمويين والزبيرين والشيعة، وكان لكلّ تيّار شاعرٌ مُتكلمٌ باسمه.

الحضارةحيث تسارعت خطى العمران في العصر الأموي وظهرت مُختلف أشكال الترف والحضارة.الثقافةفقد دخلت الثقافة الفارسيّة والهنديّة وغيرها في الثقافة العربيّة.الاقتصادفقد تطوّرت الصناعات ودخلت الحرف المُختلفة وكان العرب يأنفون من مُزاولة هذه المهن.

تعريف شعر النقائضشعر النقائضهو أن يكتب شاعرٌ قصيدةً على مِنوال قصيدةٍ أخرى في الوزن والقافية والرَويّ والموضوع يردُّ على القصيدة الأولى ويَنقُضها ومن هُنا جاءت التسمية بشعر النقائض.كأن يكتب شاعرٌ قصيدةً على وزن بحر الوافر ورويها الباء في موضوعالهِجاءفيأتي شاعرٌ آخر يكتب على وزن الوافر والرويُّ الباءُ والموضوعُ الهجاءُ، ولكن ينقض ما جاء في القصيدة الأولى.تاريخ نشأة النقائضتاريخ النقائض قديم حيث ظهرت بواكيره على هيئة المُفاخرات والمُنافرات وكانت نثراً ثم تطورت لِتطال الشعر فظهوره الأوّل فيالعصر الجاهليولكن لمع نجمه في العصر الأموي.

ذلك مع ثالوث الهجاء هَمَّام بن غالب التَميميّ من بني مُجاشع المعروف بالفرَزدق، وجرير بن عَطيّة التَميميّ من بني كُليب، والأَخطَل أبو مالك التغلبيّوشجّعت الكثير من الأسباب لظهور شعر النقائض في العصر الأُموي أرجعهاالدكتور شوقي ضيفإلى اجتماعيّة وسياسيّة.أساليب المناقضة في العصر الأمويللمناقضة أساليب متعددة هي كالآتي:القَلْبوهو أن يقلب الشاعر المعنى على الشاعر الأول فإنْ هجاه بشيء نسبه إليه.المُقابلةوهي أن ينسب المُعارِض لمن يُعارضه من المثالب ما نسبه إليه.

التوجيهوهي أن يوجّه كلّ شاعر حادثة ما أو قولاً كما يراه.التكذيبوهو أن يكذّب المُعارِض ما قاله الشاعر الأول.الوعيدأن يتوعّد المُعارِض لمن يُعارضه مهدداً له.

الشماتةأن يَشمَتَ المُعارِض بمن يُعارضه لحادثةٍ ما، وقد يحدث أن يُسلَّم المُعارِض لمن يعارضه في معنىً ما طوعًا أو كرهًا.موضوعات النقائضتتعدد موضوعات النقائض لتَشمَل جميع موضوعات الشعر كالنَسيب والرثاء وغيرها، ولكن يبقى النصيب الأكبر للهجاء والفخر في شعر النقائض.نموذج من شعر النقائض في العصر الأموي مع التحليليقولالفرزدق:إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنابَيتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُبَيتاً بَناهُ لَنا المَليكُ وَما بَنىحَكَمُ السَماءُ فَإِنَّهُ لا يُنقَلُبَيتاً زُرارَةُ مُحتَبٍ بِفِنائِهِوَمُجاشِعٌ وَأَبو الفَوارِسِ نَهشَلُيَلِجونَ بَيتَ مُجاشِعٍ وَإِذا اِحتَبوابَرَزوا كَأَنَّهُمُ الجِبالُ المُثَّلُلا يَحتَبي بِفِناءِ بَيتِكَ مِثلُهُمأَبَداً إِذا عُدَّ الفَعالُ الأَفضَلُمِن عِزِّهِم جَحَرَت كُلَيبٌ بَيتَهازَرباً كَأَنَّهُمُ لَدَيهِ القُمَّلُضَرَبَت عَلَيكَ العَنكَبوتَ بِنَسجِهاوَقَضى عَلَيكَ بِهِ الكِتابُ المُنزَلُجاءت القصيدة على وزن الكامل، ورويها حرف اللام:متفاعلن متفاعلن متفاعلنمتفاعلن متفاعلن متفاعلنوقد ابتدأ الفرزدق فيها بالفخر بقبيلته وذكر أهم رموز القبيلة مشبهاً بيتهم في عزه وعلوّه بالجبال الشهقة العظيمة ثمَّ عرّج على هجاء الأخطل وعشيرته مُقتبساً من القرآن الكريم وصف بيت العنكبوت بأوهن البيوت ليصف به عشيرة جرير.

ألفاظ القصيدة اتصفت بالجزالة وقوّة الألفاظ التي تجعلها تقع في النفس وتأخذ بتلابيب العقل وتشعل الدماء في العروق وكيف يسكتُ عربي عنها وهو يرى أنها تهجو أكثر ما يفتخر به، وقد نوّع الشاعر بين الإنشاء والخبر واستخدم المؤكّدات البلاغية واستخدم أسلوب التقديم والتأخير والاقتباس كما استعمل أساليب البيان كالتشبيه.أمّا موضوعها فقد تنقلّت بين الفخر والهجاء وهذا الموضوع هو الغالب على شعر النقائض حيث يفخر الشاعر بنفسه وعشيرته ويهجو من يناقضه، وبنظرةٍ سريعة على هذه المقطوعة بتبين لدينا بعض الخصائص الاجتماعيّة والعقدية للمجتمع حيث الفخر بالأنساب والتعالي بالأحساب مع النظر إلى القرآن الكريم على أنّه قمّة هرم الإبداع والإعجاز حيث راح الشعراء يسلكون أساليبه ويقتبسون من ألفاظه ومعانيه.وقال جرير يًناقضه:أَعدَدتُ لِلشُعَراءِ سُمّاً ناقِعاًفَسَقَيتُ آخِرَهُم بِكَأسِ الأَوَّلِلَمّا وَضَعتُ عَلى الفَرَزدَقِ مَيسَميوَضَغا البَعيثُ جَدَعتُ أَنفَ الأَخطَلِأَخزى الَّذي سَمَكَ السَماءَ مُجاشِعاًوَبَنى بِناءَكَ في الحَضيضِ الأَسفَلِبَيتاً يُحَمِّمُ قَينُكُم بِفَنائِهِدَنِساً مَقاعِدُهُ خَبيثَ المَدخَلِوَلَقَد بَنَيتَ أَخَسَّ بَيتٍ يُبتَنىفَهَدَمتُ بَيتَكُمُ بِمِثلَي يَذبُلِإِنّي بَنى لِيَ في المَكارِمِ أَوَّليوَنَفَختَ كيرَكَ في الزَمانِ الأَوَّلِأَعيَتكَ مَأثُرَةُ القُيونِ مُجاشِعٍفَاِنظُر لَعَلَّكَ تَدَّعي مِن نَهشَلِوَاِمدَح سَراةَ بَني فُقَيمٍ إِنَّهُمقَتَلوا أَباكَ وَثَأرُهُ لَم يُقتَلِجاءت القصيدة السابقة على وزن البحر الكامل ورويها اللام.

ابتدأ جرير كلامه مادحًا لنفسه بأنه أشعر الشعراء، وفي الواقع كان هجّاءً قيل عنه قد أسقط ما يقارب أربعين شاعرًا وأخمل ذكرهم وقيل ثمانين ونيفًا وقد خصَّ بهجائه ثلاثةً من الشعراء ثم سلك مسلك الفرزدق فاستخدم ألفاظه لينقض كلامه وراح يفتخر بنفسه وعشيرته ويحطّ من الفرزدق وعشيرته.وخص بالذكر مُجاشعًا الذي كان يعمل حدادًا ومعروفٌ أنّ الأعمال المهنية كان يأنف العرب عن مُباشرتها وقد استعمل في قصيدته الأساليب البلاغيّة كالاستعارة والتشبيه مع جزالة الألفاظ ووقوعها في النفوس وكان مُستواه لا يقلّ عن مُستوى الفرزدق وقد اختلف الأدباء والنُّقاد على تفضيل أحدهما على الآخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *