0

التجديد في الموضوعات الشعرية القديمة في العصر العباسي الثاني

مظاهر التجديد في الشعر العباسيمظاهر التجديد في العصر العباسييشمل التجديد في الموضوعات الشعرية القديمة في العصر العباسي الثاني كل من الآتي:المديحظلَّشعراء المديح في العصر العباسييقلدون الشعراء القدامى في الوقوف على الأطلال، والبكاء على الآثار المندثرة، في بداية كل قصيدة مدح ينظِمونها، كما حافظوا على الفضائل العربية والإسلامية في تصوير الممدوح، من الشجاعة والكرم وحماية الجار والوفاء والحلم والحزم وإباء الضيم ورصانة العقل، والقيم الدينية.إلا أن شعراء هذا العصر مع محافظتهم على مثالية المديح الموروثة، أضافوا مثالية جديدة على الممدوح، وهي العدل، فيصورونه بالحاكم الأمين المخلص الذي يسعى جاهداً على إشاعة العدالة بين أفراد رعيته، ويبرزونه رمزاً للأمة في الإخلاص والتقوى، ومثال ذلك قول البحتري في المتوكل:خَلَقَ اللَهُ جَعفَراً قَيِّمَ الدُنــيا سَدادَن وَقَيِّمَ الدينِ رُشداأَكرَمُ الناسُ شيمَةً وَأَتَمُّ الناسِ خَلقاً وَأَكثَرُ الناسِ رِفداالوصفأضاف الشعراء العباسين إلى عناصرهم الموروثة في شعرهم الوصفي كوصف الرحلة ووصف الناقة والمعارك، مظاهر جديدة مستمدة من بيئتهم الحضارية، فهم يتعرضون لوصف الربيع في حديثهم عن الخمر، كما يصفوا القصور والمدن والمناسبات والأعياد، ممثلين ذلك بالكثير من المعاني والصور الدقيقة، فمثل شعرهم سجلاً تاريخياً لحياتهم وعصرهم، ومن أشعار الوصف قولالبحتري:فَاِشرَب عَلى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُزَهرُ الخُدودِ وَزَهرَةُ الصَهباءِمِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ الـشَوقَ الَّذي قَد ضَلَّ في الأَحشاءِالهجاءوصلالهجاءفي هذا العصر ذروة لم يصلها الشعر العربي من قبل، فأخذ الشعراء العباسيون يسجلون مقطوعات وقصائد كثيرة، يهجون فيها الخلفاء والوزراء وغيرهم، معتمدين في هجائهم على معاني التحقير والتهوين والتصغير، للسخرية والانتقاص من شأن المهجو، فتجعله حياً كالميت، وموجوداً كالمعدوم، ومن أكبر شعراء الهجاء في هذا العصر ابن الرومي، فكان يعرف كيف يرمي سهام الحقارة والتصغير على مهجويه، كقوله في وصف بخيل:يُقتّر عيسى على نفسهوليس بباقٍ ولا خالدِفلو يستطيع لتقتيرهتَنفَّس من منخرٍ واحدِعذرناه أيام إعدامهفما عذرُ ذي بَخَلٍ واجِدِرَضِيتُ لتفريق أموالهيَدَي وارثٍ ليس بالحامدِالفخركان الفخر قديماً ذا ألقٍ كبير، متوهج بالكثير من الصور والمعاني والألفاظ الجزلة، تغذيه العصبية القبلية والفخر بأبناء القبيلة الواحدة وهجاء غيرها من القبائل، إلا أنه ضعف في بداية العصر الإسلامي وبقي كذلك في العصر العباسي؛ لضعف الشعور بالعصبية القبلية، رغم لمحه بين أبيات بعض الشعراء، إلا أنه كان خافتاً، لا تصدع به الأصوات.ومن تلك الأشعار القليلة في الفخر، قول ابن المعتز الذي يفخر على أبناء عمومته العلويين، وهو فخر سياسي يدور حول الخلافة، وأن العباسين أولى بها من العلويين:لا أَشرَبُ الماءَ إِلّا وَهوَ مُنجَرِدٌمِنَ القَذى وَلِغَيري الشَوبُ وَالرَنِقُعَزمي حُسامٌ وَقَلبي لا يُخالِفُهُإِذا تَخاصَمَ عَزمُ المَرءِ وَالفَرَقُمَيتُ السَرائِرِ ضَحّاكٌ عَلى حَنَقٍما دامَ يَعجَزُ عَن أَعدائِيَ الحَنَقُالرثاءاحتدمالرثاءفي هذا العصر، فلم يمت خليفة أو قائد أو وزير إلا رثاه الشعراء رثاءً حاراً عميقاً، يحاولون من خلاله النفوذ إلى تعزية أنفسهم بأن الموت مصير لا مفر منه، وأن كل إنسان يعيش لأجل محدود،ومثال ذلك قول ابن المعتز في بعض مراثيه:أَلَستَ تَرى مَوتَ العُلى وَالمَحامِدِوَكَيفَ دَفَنّا الخَلقَ في قَبرِ واحِدِوَلِلدَهرِ أَيّامٌ تُسيءُ عَواقِباًوَتُحسِنُ إِن أَحسَنَّ غَيرَ عَوامِدِكما عرفالشعر العربيلأول مرة موضوع جديد من موضوعات الرثاء، وهو رثاء المدن، فهذا ابن الرومي يرثي مدينة البصرة كغيره من الشعراء، عندما هاجمها الزنج وفتك بأهلها فتكاً ذريعاً، بقوله:ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ :::شُغلها عنهُ بالدموعِ السجامِأيُّ نومِ من بعد ما حل بالبصْـ:::ـرَةِ من تلكمُ الهناتِ العظامأيُّ نومٍ من بعد ما انتهك الزّنْــجُ جهاراً محارمَ الإسلامإنَّ هذا من الأمورِ لأمْرٌكاد أن لا يقومَ في الأوهاملرأينا مُسْتَيْقظين أموراًحسبُنا أن تكونَ رُؤيا منامأقدم الخائنُ اللعينُ عليهاوعلى الله أيَّما إقداموتسمَّى بغير حقٍّ إماماً:::لا هدى اللَّهُ سعيَه من إمامومن موضوعات الرثاء المستحدثة في العصر العباسي، رثاء المدلل من الحيوانات، ومثال ذلك مرثية ابن العلّاف في هرٍ له:يا هر فارقتنا ولم تعدوكنت منا بمنزل الولدِوكيف ننفك عن هواك وقدكنت لنا عدة من العددتمنع عنا الاذى وتحرسنابالغيب من حية ومن جودوتخرج الفأر من مكانهاما بين مفتوحها الى السدد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *